٢- وقال الجمهور من السلف والخلف: يجوز نقط المصحف وشكله؛ لأن الضرورة إليه ملحة، وهو لا يخلُّ بالرسم، وإنما يزينه ويكمله، ويعين القراء على قراءة القرآن من غير لحن.
قال النووي: نقط المصحف وشكله مستحَبٌّ؛ لأنه صيانةٌ له من اللحن والتحريف.
وقال مالك: لا بأس بالنقط في المصاحف التي يتعلَّم فيها الغلمان، أما الأمهات فلا١.
وما قاله مالك -رضي الله عنه- هو القول الصحيح، فقد أفتى بوجوب المحافظة على أمهات المصاحف كما هي من غير نقط ولا شكل لتظلَّ مرجعًا للمسلمين، وتراثًا لأولهم وآخرهم، وتحقيقًا لاتباع سنة الخلفاء الراشدين، بخلاف غيرها من المصاحف التي تكتب للغلمان، ومَنْ في حكمهم للضورة والحاجة إلى ذلك الضبط -والله أعلم.
١ المرجع السابق.
حكم تجزئته وتحسين خطه:
تقسيم القرآن إلى ثلاثين جزءًا، وتقسيم الجزء إلى حزبين، وتقسيم الحزب، إلى أربعة أرباع، وكتابة أرقام الآيات بعد كلٍّ منها، ووضع علامات الوقف والمد وغيرها على الحروف، كل ذلك مستحدث، وفيه كلام طويل للعلماء من حيث الكراهية والجواز.
والصواب: أن ذلك كله جائز لتيسير قراءته وحفظه، وأما ما أُدْخِلَ عليه من تحسينات في الخط والحجم والورق، والطبع، والتجليد، والتذهيب، فالأمر فيه واسع، بل ذلك مما يستَحَبُّ فعله إجلالًا للمصحف، وتكريمًا له، ولما فيه من الترغيب في قراءته واقتنائه وإهدائه لمن يُحْسِنُ القراءة فيه.