﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ ١.
قال ابن تيمية: قولهم: نزلت هذه الآية في كذا، يراد به تارةً سبب النزول، ويُرَاد به تارة أن ذلك داخل في الآية، وإن لم يكن السبب، وقد تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند، كما لو ذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟ فالبخاري يدخله في المسند، وغيره لا يدخله فيه، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح؛ كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببًا عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند"٢.
وقال الزركشي في البرهان٣: "قد عُرِفَ من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمَّن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها، فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع".
٢ انظر الإتقان ج١ ص١١٥، ١١٦.
٣ ج١ ص٣١، ٣٢.
تعدُّد الروايات في سبب النزول:
قد تتعدد الروايات في سبب نزول الآية الواحدة، وتكون كلها صحيحة غير صريحة في بيان السبب، مثل قول الراوي: "نزلت هذه الآية في كذا" أو "أحسبها نزلت في كذا".
وقد يكون بعضها صحيح صريح في بيان السببية، وبعضها صحيح غير صريح.
كقول راوٍ: "نزلت الآية بسبب كذا"، أو "حدث كذا وكذا فنزلت"، أو "ما أراها إلّا نزلت بسبب كذا".
وراوٍ آخر قال: نزلت في كذا.
فهي صيغة محتملة للسبب والحكم معًا كما تقَدَّمَ، وقد ترد في نزول الآية روايات صحيحة صريحة وأخرى صريحة غير صحيحة.