﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾.
فجُمِعَ بين هذه الروايات بتعدد النزول.
ومن أمثلته كذلك ما رواه البيهقي والبزَّار عن أبي هريرة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف على حمزة حين استُشْهِدَ وقد مُثِّلَ به، فقال: لأمثِّلَنَّ بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل والنبي -صلى الله عليه وسلم- واقف بخواتيم سورة النحل: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ إلى آخر السورة".
فهذا يدل على نزولها يوم أحد.
وجاء في رواية أخرى أخرجها الترمذي والحاكم عن أُبَيّ بن كعب أنها نزلت يوم فتح مكة، والسورة مكية، فجُمِعَ بين ذلك بأنها نزلت بمكة قبل الهجرة مع السورة، ثم بأُحُدٍ، ثم يوم الفتح.
ولا مانع من ذلك لما فيه من التذكير بنعمة الله على عباده، واستحضار شريعته.
قال الزركشي في البرهان: "وقد ينزل الشيء مرتين تعظيمًا لشأنه وتذكيرًا عند حدوث سببه خوف نسيانه، كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين: مرة بمكة وأخرى بالمدينة.
قال الشيخ منَّاع القطان: "لا أرى لهذا الرأي وجهًا مستساغًا، حيث لا تتضح الحكمة من تكرار النزول، وإنما أرى أن الروايات المتعدِّدَة في سبب النزول ولا يمكن الجمع بينها يتأتَّى فيها الترجيح.
فالروايات الواردة في سبب نزول قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾... الآية.
ترجح فيها الأولى على الروايتين الأخيرتين؛ لأنها وردت في الصحيحين دونهما، وحسبك برواية الشيخين قوة.
فالراجح أن الآية نزلت في أبي طالب.


الصفحة التالية
Icon