﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾.
رغبة أحدكم عن يتيمة حني تكون قليلة المال والجمال، فنُهُوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلّا بالقسط، ومن أجل رغبتهم عنهن؛ إذ كنَّ قليلات المال والجمال".
القسم الرابع: حوادث قامت عليها تشريعات وأحكام، ولكنها لا تبين مجملًا، ولا ترفع إبهامًا، ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها.
أي: إن سبب النزول وهو الحادثة التي وقعت، لو جهِلَها المفسِّر لا يضرُّه عدم العلم بها، وإذا نظر إلى الآيات النازلة فيها وقع في خلده أنها نزلت على غير سبب، فإذا ما نزل إلى السبب وجده موافقًا لما تدل عليه الآية فيزداد بمعرفته فهمًا لها.
مثل حادثة عويمر العجلاني الذي نزلت بسببه آيات اللعان.
فإنه من نظر إلى آيات اللعان دون أن يلاحظ السبب الذي نزلت عليه لا يخطئ في فهم المراد منها؛ لأن فهمها لا يتوقَّف على سبب نزولها، وهي تشريع عام لا يقتصِر على عويمر وحده.
ومثل حادثة كعب بن عجرة التي نزلت بسببها آية:
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾ ١.
فقد روى البخاري في صحيحه أن عبد الله بن معقل قال: "قعدت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد -يعني: مسجد الكوفة- فسألته عن "فدية الصيام" فقال: حُمِلْتُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك هذا! أما تجد شاة؟ قلت: لا، قال: صم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكلِّ مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك، فنزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامة".
القسم الخامس: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد، فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها، وزجر من يرتكبها.

١ البقرة: ١٩٦.


الصفحة التالية
Icon