يكون هناك عهد، واللام في "الأتقى" ليست موصولة؛ لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعًا، و "الأتقى" ليس جمعًا، بل هو مفرد، والعهد موجود، خصوصًا مع ما يفيده صيغة "أفعل" من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم، وتعيَّن القطع بالخصوص، والقَصْرِ على مَنْ نزلت فيه -رضي الله عنه"١.
وفي كلام السيوطي هذا نظر من وجوه:
الأول: إن الآية التي نزلت في معين، ولا عموم للفظها تقتصر عليه قطعًا -قول غير مسلَّم على إطلاقه، بل هو محمول على خلوِّ الكلام من قرينةٍ تدل على العموم، فإذا ما وُجِدَت قرينةٌ تدل على العموم فلا يكون اللفظ مقصورًا على سببه قطعًا.
الثاني: استدلاله على قوله هذا بقوله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى﴾.
وأنها نزلت في أبي بكر، وحكاية الإجماع على ذلك غير مسلَّم.
فالآية عامة في كل من عمل عمله، كما قال كثير من المفسرين.
قال ابن كثير في تفسيره٢: "وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق -رضي الله عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك، ولا شكَّ أنه داخل فيها، وأَوْلَى الأمة بعمومها، فإن لفظها لفظ العموم"، ونقل القاسمي في تفسيره٣ هذا القول وارتضاه.
ولفظ "الأتقى" في الآية، بمعنى التقى، كما يقول الطبري في تفسيره٤.
قال القرطبي في تفسيره٥: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا﴾ أي: يكون بعيدًا منها، ﴿الْأَتْقَى﴾ أي: المتقي الخائف.
٢ ج٨ ص٤٤٤.
٣ راجع "محاسن التأويل" ج١٧ ص٦١٧٩.
٤ راجع ج٣٠ ص٢٢٧.
٥ ج١٠ ص٨٨.