فقوله تعالى: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾.
ليس قيدًا في النهي، وإنما هو لبيان الحال التي كنَّ عليه من الإناء والتمنُّع بعد أن أسلمن وحَسُنَ إسلامهن، كما يدل عليه سبب النزول الذي لولاه لتَوَهَّمَ متوهِمٌ أن هذا الشرط قيد في النهي.
قال ابن كثير في تفسيره١: "كان أهل الجاهلية إذا كَان لأحدهم أمة أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت، فلمَّا جاء الإسلام نهى الله المسلمين عن ذلك.
وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة -فيما ذكره غير واحد من المفسِّرين من السلف والخلف- في شأن عبد الله بن أُبَيّ بن سلول، فإنه كان له إماء، فكان يكرههنَّ على البغاء طلبًا لخراجهن، ورغبةً في أولادهن، ورياسةً منه فيما يزعم".
وساق الآثار الواردة في ذلك، منها:
ما رواه الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار -رحمه الله- في مسنده، قال: حدثنا أحمد بن داود الواسطي، حدثنا أبو عمرو اللخمي -يعني: محمد بن الحجَّاج- حدَّثنا محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: كانت جارية لعبد الله بن أُبَيّ بن سلول، يقال لها: معاذة، يكرِهُهَا على الزنا، فلما جاء الإسلام نزلت: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾ إلى قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
٣- ومن فوائد العلم به: "دفع توهم الحصر، قال الشافعي ما معناه في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ ٢ الآية.

١ ج٦ ص٥٧.
٢ الأنعام: ١٤٥.


الصفحة التالية
Icon