﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾.
علا عليهن وارتفع فدبَّرَهن بقدرته، وخلقهن سبع سماوات.
ثم قال: والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾، الذي هو بمعنى العُلُوِّ والارتفاع هربًا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوَّله بمعناه المفهوم، كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها -إلى أن تأوَّله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: ﴿اسْتَوَى﴾ : أقبل، أفكان مدبرًا عن السماء فأقبل إليها؟
فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبُّر، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علوَّ ملك وسلطان، لا علوَّ انتقال وزوال.
ثم لن يقول في شيء من ذلك قولًا إلّا ألزم في الآخر مثله.
فأنت تراه بهذا التأويل قد أصاب المحذ، وأمسك بالعصا من طرفيها، ففسَّرَ الاستواء بمعناه المعروف عند العرب، والذي لا ينكره أحد من علماء اللغة، وهو العُلُوّ والارتفاع، وأتى به على النحو الذي يليق بجلال الله تعالى، فجعله علوَّ ملك وسلطان لا علوَّ انتقال وزوال.
وهو ما عليه علماء السلف الصالح من الصحابة والتابعين. أ. هـ.
٢- ﴿يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم﴾ ١.
ولما كانت اليد من الألفاظ المشتركة وقع فيها الخلاف بين العلماء سلفًا وخلفًا، فهي تُطْلَقُ ويراد بها الجارحة والقدرة والنعمة، وغير ذلك.
لكن لمَّا أثبت الله لنفسه اليد -وهو المنزه عن صفات الحوادث- ذهب العلماء في تاويلها مذاهب؛
فقال السلف -على طريقتهم في التفويض: لله يد ليست كأيدينا، لا علم لنا بها.

١ الفتح: ١٠.


الصفحة التالية
Icon