وقال في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾ من سورة طه: "أي: ولتربَّى بيد العدو على نظري بالحفظ والعناية، فـ ﴿عَلَى عَيْنِي﴾ استعارة تمثيلية للحفظ والصَّوْن؛ لأن المصون يجعل بمرأى"١.
وذهب إلى هذا التأويل غير واحد من المفسِّرِين، وهو ليس من التأويل الممنوع، لأنه قريب المأخذ، له في اللغة مفهوم يحدِّد المراد منه على وجه مقبول شرعًا وعقلًا، فلا يُذَمُّ هذا التأويل لقربه من المعنى المراد -والله أعلم.
ويحسن بنا أن نذكر هنا حقيقة التأويل في لغة القرآن الكريم، ونبيِّن بإيجاز ما يُحْمَدُ منه وما يُذَمُّ.

١ ج١١ ص٤١٧٨.

التأويل المحمود والتأويل المذموم:
ورد لفظ التأويل في القرآن الكريم على ثلاثة معانٍ:
الأول: صَرْفُ اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليلٍ يقترن به، وهذا هو اصطلاح أكثر المتأخرين.
الثاني: تفسير اللفظ، وبيان معناه.
الثالث: الحقيقة التي يُؤَوَّل إليها الكلام، فتأويل ما أخبر الله به عن ذاته وصفاته هو حقيقة ذاته المقدسة، وما لها من حقائق الصفات، وتأويل ما أخبر الله به عن اليوم الآخر هو نفس ما يكون في اليوم الآخر، وعلى هذا المعنى جاء قول عائشة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهمَّ ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" يتأول القرآن"١.
تعني قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾.
"فالذين يقولون بالوقف على قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه﴾، ويجعلون ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ استئنافًا، إنما عُنوا بذلك التأويل بالمعنى
١ رواه البخاري ومسلم.


الصفحة التالية
Icon