وأما الثاني: فلا يخلو إمَّا أن يكون السبب واحدًا، أو يكون هناك سببان متماثلان، أو مختلفان.
أ- فإن كان السبب واحدًا: وجب حمل المطلق على المقيد؛ لأن المطلَق جزء من المقيَّد، والآتي بالكل آتٍِ بالجزء -لا محالة، فالآتي بالمقيَّد يكون عاملًا بالدليلين، والآتي بغير ذلك المقيَّد لا يكون عاملًا بالدليلين، بل يكون تاركًا لأحدهما.
والعمل بالدليلين -عند إمكان العمل بهما- أولى من الإتيان بأحدهما، وإهمال الآخر.
ب- واختلفوا في الحكمين المتماثلين، إذا أطلق أحدهما وقُيِّدَ الآخر، وسببهما مختلف.
مثاله: تقييد الرقبة -في كفارة القتل- بالإيمان وإطلاقها في كفارة الظهار.
فمنهم من يقول: تقييد أحدهما يقتضي تقييد الآخر لفظًا -وهم الشافعية.
ومنهم من يقول: إنه لا يجوز تقييد هذا المطلق بطريق ما البتة -وهم الحنفية" أ. هـ١.
"واحتجَّ الشافعية على ما ذهبوا إليه بأن المطلق والمقيَّد كالعام الذي يحتمل الخصوص، والمجمَل الذي يحتمل البيان، فإذا ورد مطلَق ومقيَّد وجب أن يكون الثاني مبينًا للأول.
ويكون كلا النصين بمنزلة نص واحد، كالنص المجمَل مع النص المبين، حتى لا يؤدي إلى التناقض" أ. هـ٢.
٢ انظر "ميزان الأصول في نتائج العقول" لأبي بكر السمرقندي ج١ ص٥٨٥، ٥٨٦.