السابقة بالإسلام، ونسخ الحكم في شريعة الإسلام بحكم آخر متأخِّرٍ عنه، والوقوع خير شاهد على الجواز.
وقد اعتمد المجوّزون له على ثلاث آيات من القرآن الكريم:
الأولى: قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ١.
الثانية: قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ ٢.
الثالثة: قوله تعالى: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ ٣.
فإذا قرأت أكثر كُتُبِ المفسّرين وجدتهم يحملون النَّسْخَ في آيتي البقرة والنحل على نسخ الحكم، ووجدت بعضهم يحمله على نسخ الحكم والتلاوة، فيقسِّمون النَّسْخَ بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام هي: نسخ الحكم فقط، ونسخ الحكم والتلاوة معًا، ونسخ التلاوة مع بقاء الحكم، وسيأتي لهذا التقسيم وغيره تفصيل وتمثيل.
أما آية الرعد، فقد حملها أكثرهم على نسخ الشرائع، فكل شريعة تنسخ الأخرى، وشريعتنا ناسخة لجميعها، بمعنى أنها نسخت كثيرًا من الأحكام الجزئية التي لا تتفق مع مصالحنا الدنيوية والأخروية.
فالشريعة السماوية لا تنسخ الأصول العامة ولا القواعد الكلية؛ لأنها متفقة عليها، لا تختلف فيها شريعة عن أخرى، على ما سيأتي بيانه.
على أن المحوَ والإثبات في الآية يتناول كل ما من شأنه أن يُمْحَى، وكل ما
٢ النحل: ١٠١.
٣ الرعد: ٣٩.