رضي الله عنهما، ونحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار عنهما، بالرغم من ورودها في الكتب الصِّحاح؛ فإن صحة السَّنَد لا تعني في كل الأحوال سلامة المتن.
على أنه قد ورد في الرواية من عمر قوله بشأن حدِّ الرجم فيما زعموا: "ولولا أن يقال: زاد عمر في المصحف لكتبتها"، وهو كلام يوهم أنه لم يُنْسَخْ لفظًا أيضًا، مع أنهم يقولون: إنها منسوخة اللفظ باقية الحكم.
كذلك ورد نصُّ الآية في الروايات التي أوردته بعبارات مختلفة، فواحدة منها تذكر قيد الزنا بعد ذكر الشيخ والشيخة، وواحدة لا تذكره، وثالثة تذكر عبارة "نكالًا من الله"، ورابعة لا تذكرها.
وما هكذا تكون نصوص الآيات القرآنية ولو نُسِخَ لفظها.
وفي بعض هذه الروايات جاءت بعض العبارات التي لا تتفق ومكانة عمر ولا عائشة، مما يجعلنا نطمئن إلى اختلاقها ودسِّهَا على المسلمين"١.
الثاني: ما نُسِخَ حكمه وبقيت تلاوته
وهو كثير في الكتاب والسُّنَّة، ومن أجله صُنِّفَتْ الكتب، ولا سيما إذا أخذنا في اعتبارنا مفهومه الواسع المنسوب إلى الصحابة والتابعين.
"وقد أنكر قوم هذه الضرب بدعوى أن التلاوة والحكم متلازمان، فلا يصحُّ رفع أحدهما مع بقاء الآخر، ورفع الحكم يجعل التلاوة خالية من الفائدة، فلا يجوز.
ثم إن نسخ الحكم مع بقاء التلاوة، يوهم بقاء الحكم، فيعرِّض المكلَّف للجهل والخلط في الشريعة والأحكام.
ورُدَّ على هذه الشبهة بردِّ دعوى التلازم، والآية بعد نسخ حكمها لا تكون خالية من الفائدة، بل معناها قائم عُطِّلَ العمل به دليل آخر، وفي ثبوتها تذكر بنعمة الله تعالى؛ إذ كان الحكم المنسوخ أشد، واختبار بالانصياع والتسليم إذا كان الحكم المنسوخ أخف، ثم في تلاوتها تعبُّد وأجر.