الوجه الثالث: تعارض الأدلة المتساوية تعارضًا تامًّا، مع معرفة الأمر المتقدِّم زمنًا من المتأخِّر، وتفصيل المسألة أن النصَّيْن إما أن يتعارضا من جميع الوجوه، أو من وجه دون وجه، فإن تعارضا من وجه دون وجه جُمِعَ بينهما.
وإن تعارضا من جميع الوجوه، فإن كان أحدهما قطعيًّا وكان الآخر ظنيًّا، أو كان أحدهما أقوى من الآخر في الثبوت، عُمشلَ بالأقوى، وأُهْمِلَ الآخر.
وإن تعارضا من جميع الوجوه، وتكافآ في الثبوت، وعُلِمَ الأمر المتقدِّمُ منهما والمتأخِّر، صرنا إلى النَّسْخِ.
أما إن تعارضا من جميع الوجوه، وتكافآ في الثبوت، ولم يُعْلَمْ المتقدِّم والمتأخِّر، فلا يُصَارُ إلى النَّسْخِ بالاجتهاد، بل يجب التوقُّف عنهما أو التخيُّر بينهما.
وعلى هذا فلا يُعْتَمَدُ في النسخ على: الاجتهاد من غير دليل، ولا على أقوال المفسرين من غير سند، ولا على مجرَّد التعارض الظاهري بين النصوص، ولا على ثبوت أحد النصَّين في المصحف بعد الآخر؛ لأنه ليس على ترتيب النزول.
سور القرآن باعتبار الناسخ والمنسوخ:
قال السيوطي في الإتقان: "قال بعضهم: سور القرآن باعتبار الناسخ والمنسوخ أقسام:
قسم ليس فيه ناسخ ولا منسوخ، وهو ثلاث وأربعون: سورة الفاتحة، ويوسف، ويس، والحجرات، والرحمن، والحديد، والصف، والجمعة، والتحريم، والملك، والحاقة، ونوح، والجن، والمرسلات، وعم، والنازعات، والانفطار، وثلاث بعدها، والفجر وما بعدها إلى آخر القرآن، إلّا التِّين والعصر والكافرون.
وقسم فيه الناسخ والمنسوخ، وهو خمس وعشرون: البقرة وثلاث بعدها، والحج، والنور وتاليها، والأحزاب، وسبأ، والمؤمن، والشورى، والذاريات، والطور، والواقعة، والمجادلة، والمزمل، والمدثر، والتكوير، والعصر.


الصفحة التالية
Icon