أو كتب على المحتضر: أن يوصي للوالدين والأقربين بتوفير ما أوصى به الله لهم، وأن لا ينقص من أنصبائهم، فلا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء مع ثبوت الوصية بالميراث عطية من الله تعالى، والوصية عطية ممن حضره الموت، فالوارث جُمِعَ له بين الوصية والميراث بحكم الآيتين، ولو فرض المنافاة لأمكن جعل آية الميراث مخصَّصَة لهذه الآية، بإبقاء القريب الذي لا يكون وارثًا لأجل صلة الرحم، فقد أكدَّ تعالى الإحسان إلى الأرحام وذوي القربى في غير ما آية، فتكون الوصية للأقارب الذين لا يرثون عصبة، أو ذوي رحم مفروضة.
قالوا: ونسخ وجوبها للوالدين والأقربين الوارثين لا يستلزم نسخ وجوبها في غيرهم.
وقال القاسمي تأييدًا لهذا المذهب: إن هذه الآية مع آية: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُم﴾ متلاقيان في المعنى من حيث إن المراد بالوصية: وصية الله في إيتاء ذوي الحقوق حقوقهم، وعدم الغضِّ منها، والحذر من تبديلها، لما يلحق المبدِّل من الوعيد الشديد.
٢- قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ ١.
ذهب جمهور المفسِّرين إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
واعتمدوا فيما ذهبوا إليه على آثار كثيرة وردت في صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد.
أ- فقد روى البخاري ومسلم من حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: كان عاشوراء يُصَامُ، فلمَّا نزل فرض رمضان كان مَنْ شاء صام ومن شاء أفطر.
وروى البخاري عن ابن عمر وابن مسعود مثله.
ب- وروى أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل، أن الله فرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- الصيام، وعلى الصحيح المقيم من أمته، فمن شاء صام ومن شاء أطعم مسكينًا، ثم إن الله -عز وجل- أنزل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ

١ البقرة: ١٨٤.


الصفحة التالية
Icon