٨- قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ ١.
قيل: منسوخة، وقيل: لا، ولكن تهاون الناس في العمل بها.
والأصح أنها محكمة لم تنسخ بآية المواريث كما قال بعضهم؛ وذلك لما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس في الآية. قال: هي محكمة وليست بمنسوخة، وفي لفظ عنه: هي قائمة يعمل بها.
٩، ١٠- قوله تعالى: ﴿وَالَّلاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ ٢.
هاتان الآيتان منسوختان عند جمهور المفسِّرين والمحدثين، ودليل النَّسْخِ فيهما ظاهر، لكن هذا النَّسْخَ هو من قبيل التدرج في التشريع؛ رعاية لمصالح العباد في العاجل والآجل.
فالآية الأولى تنص على عقوبة الزانية بكرًا كانت أم ثيبًا بحبسها في البيت حتى يتوفاها الله أو يجعل لها مخرجًا بآية أخرى أو حديث.
والآية الثانية تنص على عقوبة الرجال من الأيامى والأبكار، وهي الإيذاء بالأيدي والنعال والتقريع بالألسنة، وما إلى ذلك من أنواع الإيذاء المناسب لهذه الجريمة، وهي جريمة الزنا واللواط كما يرى بعض المفسِّرين.
وقد اختلفت عقوبة الرجال من عقوبة النساء؛ لأن الرجال هم الذين يسعون في طلب المعاش ويقومون بحماية الأسرة وتوفير ما تحتاج إليه نساؤهم وزراريهم.
قال ابن كثير في تفسيره: "كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا زنت فثبت زناها بالبينة العادلة، حُبِسَت في بيت فلا تمكَّن من الخروج منه إلى أن

١ النساء: ٨.
٢ سورة النساء: ١٥-١٦.


الصفحة التالية
Icon