يدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن أبي بكرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في حجة الوداع: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث مواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان".
وهذا يدل كما قال ابن كثير١ عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾ يعني: لا تستحلوا قتالًا فيه، كذا قال ابن حيان، وعبد الكريم بن مالك الجزري، واختاره ابن جرير أيضًا.
١٣- قوله تعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ ٢.
منسوخة بقوله: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ ٣.
وقد قيل بعدم النَّسْخِ، وأن الآية الثانية متمِّمَة للأولى؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- مخبَرٌ بمقتضى الآية الأولى بين أن يحكم بينهم وأن يعرِضَ عنهم، وإذا اختار أن يحكم بينهم وجب أن يحكم بما أنزل الله بمقتضَى الآية الثانية، وهذا ما نرجحه؛ لأن النَّسْخَ لا يصح إلا حيث تعذَّر الجمع.
١٤- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ ٤.

١ تفسير القرآن العظيم ج٣ ص٧ط. الشعب.
٢ المائدة: ٤٢.
٣ المائدة: ٤٩.
٤ المائدة: ١٠٦.


الصفحة التالية
Icon