المبحث السادس: تنجيم القرآن
عرفنا أن القرآن الكريم قد نَزَلَ من لدن الحكيم العليم إلى اللوح المحفوظ أولًا، بمعنى: أن الله -عز وجل- أثبته فيه، كما أثبت كل شيء كان ويكون إلى ما شاء الله جل جلاله، وذلك لحكمة خفيت علينا.
وعرفنا أن القرآن الكريم قد نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- منجمًا في نحو ثلاث وعشرين سنة، على حسب الوقائع والأحداث، ومقتضيات الأحوال، ولكن هل هو الكتاب الوحيد الذي نزل منجَّمًا؟
ذهب كثير من أهل العلم إلى أن التنجيم خصوصية من خصائص القرآن الكريم، بدليل أن الذين كفروا من أهل مكة وغيرهم قالوا -شاكين ومشككين في صحة نزوله من الله تعالى على محمد -صلى الله عليه وسلم: هلَّا نزل هذا القرآن من الله جملة واحدة، كما أنزلت الكتب السابقة، فأبطل الله شبهتهم، وأبان عن الحكمة من إنزال القرآن على وجه الخصوص منجمًا بقوله:
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا، وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ ١.
والدليل على أن الكتب السماوية السابقة قد نزلت جملة واحدة، أن الله -عز وجل- قد عدل عن الجواب على سؤالهم إلى بيان الحكمة من التنجيم، ولو كانت