قال الجرجاني: "التشبيه عام، والتمثيل أخص منه، فكل تمثيل تشبيه، وليس كل تشبيه تمثيلًا"١.
وأكثر أمثال القرآن الكريم نجد وجه الشبه فيها منتزعًا من هيئة مركبة، فيها الصوت واللون والحركة، ويحتاج البليغ في إدراكه إلى إعمال فكر، وإمعان نظر، فإذا استطاع أن يدرك وجه الشبه بين الطرفين نوع إدراك ملك عليه التمثيل مشاعره، وبهره ما فيه من جمال التعبير، ودقة التصوير، وروعة البيان.
والحق عندي أن المثل في اللغة أعمّ مما ذكره علماء البيان، فليس هو محصورًا في الاستعارة التمثيلية، والتشبيه التمثيلي، والكتابة، وإنما هو قول محكيّ بليغ يصور المعنى المراد تصويرًا دقيقًا لا يتأتَّى في غيره من الأساليب.
وما سُمِّيَ المثل مثلًا إلّا لأنه ماثل في الذهن، منطبع في الخيال.
قال الألوسي في تفسيره٢: "والأمثال تضرب للكشف والبيان، والمثل -بفتحتين- كالمثل -بكسر فسكون، والمثل في الأصل: النظير والشبيه، ثم أطلق على الكلام البليغ الشائع الحسن، المشتَمل إما على تشبيه بلا شبيه، أو استعارة رائعة تمثيلية وغيرها، أو حكمة وموعظة نافعة، أو كناية بديعة، أو نظم من جوامع الكلم الموجَز، ولا يشترط فيه أن يكون استعارة مركَّبة خلافًا لمن وهم، بل لا يُشْتَرَط أن يكون مجازًا، إلى آخر ما قال" أ. هـ.
٢ روح المعاني ج١ ص١٦٣.
تعريف المثل القرآني:
ونرى أن المثل القرآني لا يخضع لتعريف اللغويين أو الأدباء أو البلاغيين، وإنما هو أعم في مفهومه منها جميعًا.
فالأمثال القرآنية هي تمثيل حال أمر بحال أمر آخر، سواء ورد هذا التمثيل بطريق الاستعارة، أم بطريق التشبيه، أم بطريق الكناية، فأمثال القرآن لا يستقيم حملها على أصل المعنى اللغوي الذي هو الشبيه والنظير، ولا يستقيم