وكانوا أيضًا في حاجة إلى دفع شبهات المشركين بالوحي الذي يتنزل عليهم، كحاجة نبينا -صلى الله عليه وسلم لذلك، فأصول الدين واحدة، وقلوب المشركين متشابهة، فكان تنجيم الكتب السماوية جميعًا أمرًا لا بُدَّ منه شرعًا وعقلًا -والله أعلم.
الحكمة من تنجيم القرآن:
أما الحكمة في نزول القرآن على النبي -صلى الله عليه وسلم- منجَّمًا فقد أطلعنا الله عليها في محكم هذا التنزيل.
وهي تتلخص المقاصد الآتية:
١- تثبيت قلب النبي -صلى الله عليه وسلم، وتسليته ومواساته، ورفع الحرج عنه، وإزالة ما يعتري صدره من ضيق وحزن، وإدخال السرور عليه الفَيْنَة بعد الفينة، ومده بالقوة التي تدفعه إلى المضي في دعوته، وتبليغ رسالته على خير وجه وأكمله، وتهوِّن عليه ما يلقاه من قومه من أذى وعنت وصدود، وليدفع عنه شبح اليأس كلما حام حوله، واعترض طريقه، لتظل همته دائمًا في الذروة العليا.
قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ ١.
وقال -جل شأنه- في سورة هود: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ ٢.
٢- ومن أهداف التنجيم أيضًا تيسير حفظ هذا القرآن العظيم على النبي -صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه، وقد كان أكثرهم لا يقرأ ولا يكتب ولا عهد لهم بمثل هذا الكتاب المعجِز، فهو ليس شعرًا يسهل عليهم حفظه، ولا نثرًا يشبه كلامهم، يسهل عليهم نقله وتداوله، وإنما هو قول كريم، ثقيل في معانيه ومراميه، يحتاج المسلم في حفظه وتدبره إلى تريِّثٍ وتؤدة وإنعام نظر.
٢ آية: ١٢٠.