قال تعالى: ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾.
"قال القاشاني: الترتيل هو أن يتخلَّل بين كل نجم وآخر مدة يمكن فيها ترسخه في قلبه، وأن يصير ملكة لا حالًا"١.
وقال جل شأنه: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا﴾ ٢.
"أي: نزَّلْنَاه مفرقًا منجَّمًا لتقرأه على الناس على مهل وتؤدة وتَثَبُّت، فإنه أيسر للحفظ، وأعون في الفهم ونزلناه تنزيلًا من لدنا على حسب الأحوال والمصالح"٣.
٣- ومن أهم الأهداف التي أُنْزِلَ من أجلها القرآن مفرَّقًا "التدرج بالأمة في تخليهم عن الرذائل، وتحليهم بالفضائل، والترقي بهم في التشريعات، فلو أنهم أُمِروا بكل الواجبات، ونُهوا عن جميع المنكرات دفعة واحدة لشقَّ عليهم، ولضعُفَت الهمم الصغيرة عن التجاوب والمسايرة.
تمامًا كالطبيب الذي يعطي المريض دواءه على جرعات، ولو أعطاه له مرة واحدة لتحقق أحد أمرين، إما رفض المريض للدواء والصد عنه، وإما القضاء عليه"٤.
٤- نزل القرآن منجَّمًا لمواكبة الحوادث، وهي متتجددة متعددة.
فكان كلما جَدَّ جديد من الأمور الصحية التي تتعلق بمصالح العباد في العاجل والآجل، جاء حكم الله فيها، فيرسخ في النفوس، وتتجاوب معه وترتضيه.
وفي القرآن آيات كثيرة نزلت على سبب أو أكثر، إذا جهل سببها لا يعرف حكمها، على ما سيأتي بيانه في أسباب النزول، فكم من قضية توقَّفَ النبي
٢ الإسراء: ١٠٦.
٣ انظر المرجع السابق ج١٠ ص٤٠٠٩.
٤ الآلئ الحسان ص١٦.