من ذلك قوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ ١.
وقوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ ٢.
ففي المثل الأول إثارة لمحور الطمع في الإنسان، وذلك بتمثيل بذل المال في سبيل الله ببذر الحب في الأرض الخصبة الطيبة.
والناس بطبعهم يعرفون قيمة العطاء الزراعي إذا أقبل، فإذا كان هذا الإقبال في العطاء الزراعي قد يصل بعملية حسابية غير معقَّدة إلى سبعمائة ضعف، كانت إثارته لطمع الإنسان الزارع والتاجر بطبعه أعظم وأكثر.
فأي إنسان لا يحب الربح؟ وأي إنسان لا يطمع في فيوض الثروة؟
فالغرض من التمثيل في هذا النصِّ مع بيان حقيقة مضاعفة ثواب المنفقين في سبيل الله إلى أضعاف كثيرة جدًّا -إثارة محور الطمع في فضل الله في نفس المخاطبين، ليكون هذا الطمع محرِّضًا ذاتيًّا في الأنفس على بذل الأموال في سبيل الله.
والمثل الثاني يدعم المثل الأول ويؤكده، ويفصح عن الجوانب الكامنة فيه، وذلك بتشبيهه البذل في سبيل الله بإخلاص وطيب نفس، بجنة بربوة قد أثمرت وأينعت وآتت أكلها ضعفين في جميع الأحوال المناخية والظروف الطبيعية، بحيث لا يضرُّها الوابل الغزير فيغرقها، ولا يضرُّ بها إن قلَّ قدره، وأو تأخرَّ نزوله فهي جنة مباركة تنبت بإذن ربها نباتًا حسنًا في كل حين وتحت أي مؤثِّر خارجي.
٢ البقرة: ٢٦٥.