ومنها ما يجري بهذه السحب في يسر وخِفَّةٍ إلى حيث شاء الله -جل جلاله.
ومنها ما ينزِّل المطر من هذه السحب بقدر معلوم إلى أماكن محدودة.
ومنها... ومنها..
والمؤمن العاقل الحصيف يتلمَّس مواطن العبرة في كل آية من آيات القرآن الكريم، وينظر في هذا العالم نظرة الواعي البصير.
وما هذه الأقسام التي أقسم الله بها إلّا دعوة للتأمل والنظر.
فمن نظر أبصر، ومن أبصر عرف.
قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ١. صدق الله العظيم.
١ ص: ٢٩.
وجه المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه
...
وجه المنسابة بين المقسَم به والمقسَم عليه:
التناسب بين الآيات والسور ضرب من الإعجاز البياني للقرآن الكريم، فهو كتاب محكَم النَّسْجِ، لا تجد فيه خللًا بين كلماته، ولا تنافر بين حروفه، ولا تناقض في معانيه ولا في مراميه.
مع أنه نزل منجَّمًا في نحو ثلاث وعشرين سنة، فانظر كيف رتَّبه الله ترتيبًا فريدًا غاية في الحسن والجمال، والجلال والكمال، بهر العقول ببراعة نظمه، وسلاسة أسلوبه، ودقة تصويره، وروعة تعبيره، وعذوبة بيانه.
فإذا تأمَّلنا مثلًا في آيات القسَم وجدنا الصلة جدَّ قوية بين المقسَم به والمقسَم عليه، وأدركنا أن بينهما تناسبًا وثيقًا؛ بحيث لو جيء مكان أحدهما بشيء آخر لاختلَّ النظام، وذهبت مواطن الجمال والجلال.
فقد أقسم الله مثلًا بطوائف من الملائكة على وحدانيته وربوبيته، لنفي ما زعمه المشركون من وجود صلة نسبية بينه وبينهم، فقال: