المبحث السابع: أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل
مدخل
...
المبحث السابع: أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل
هذا بحث تاريخي مداره على النقل والتوقيف، ولا مجال للعقل فيه إلّا بالترجيح بين الأدلة، أو الجمع بينها فيما ظاهره التعارض منها، شأنه في ذلك شأن كثير من مباحث علوم القرآن، كمعرفة المكي والمدني، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك.
ولهذا البحث فوائد منها:
١- تمييز الناسخ من المنسوخ، فيما إذا وردت آيتان أو آيات على موضوع واحد، وكان الحكم في إحدى هذه الآيات يغاير الحكم في الأخرى.
٢- معرفة تاريخ التشريع الإسلامي، ومراقبة سيره التدريجي، والوصول من وراء ذلك إلى حكمة الإسلام وسياسته في أخذه الناس بالهوادة والرفق، والبعد بهم عن غوائل الطفرة والعنف، سواء في ذلك هدم ما مردوا عليه من باطل، وبناء ما لم يحيطوا بعلمه من حق.
٣- إظهار مدى العناية التي أحيط بها القرآن الكريم حتى عُرِفَ فيه أول ما نزل، وآخر ما نزل، كما عُرِفَ مكيه ومدنيه، وسفرّيه وحضرّيه، إلى غير ذلك، ولا ريب أن هذا مظهر من مظاهر الثقة به، ودليل على سلامته من التغيير والتبديل: ﴿لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ ١، ٢.
٤- ويضاف إلى هذه الفوائد فائدة أخرى، وهي معرفة الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم، عن طريق ربط أول ما نزل منه بآخره، فإن من ينظر في أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل يعرف الصلة الوثيقة بين آياته كلها في ألفاظها ومعانيها ومراميها، ويتبين له بوضوح أن أول ما نزل مقدمة تقود الباحث إلى ما في هذا الكتاب العزيز من مقاصد وعبر، وأحكام وحكم، وآخرما نزل يوجز
٢ انظر مناهل العرفان ج١ ص٨٥.