وفي بعض الروايات: حتى بلغ "ما لم يعلم".
وهناك أحاديث كثيرة غير هذا الحديث، تفيد صراحةً أن هذه الآيات من سورة "العلق" هي أوَّل ما نزل من القرآن الكريم، ضربنا صفحًا عن ذكرها، مخافة التطويل.
٢- وقيل: إن أوَّلَ ما نزل من القرآن أوائل سورة المدثر، واستدلَّ أصحاب هذا القَوْلِ بما رواه البخاري ومسلم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أنزل قبل؟ فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ فقلت: أو ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك﴾، وفي رواية نبئت أنه ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَْ﴾، فقال: أحدثكم ما حدَّثنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إني جاورت بحراء، فلما قضيت جواري نزلت، فاستبطنت الوادي -زاد في رواية: فنوديت فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي- ثم نظرت إلى السماء فإذا هو "يعني: جبريل" -زاد في رواية: جالس على عرشٍ بين السماء والأرض- فأخذتني رجفة، فأتيت خديجة، فأمرتهم فدثروني، فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ﴾.
لكن هذه الرواية ليست نصًّا فيما نحن بسبيله من إثبات أوَّل ما نزل من القرآن إطلاقًا، بل تحتمل أن تكون حديثًا عَمَّا نزل بعد فترة الوحي، وذلك هو الظاهر من رواية أخرى رواها الشيخان أيضًا، عن أبي سلمة، عن جابر أيضًا: "فبينا أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء، فرفعت بصري قِبَل السماء، فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسيٍّ بين السماء والأرض، فجثثت ١ حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي، فقلت: زملوني، فزملوني، فأنزل الله تعالى:
﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾.
قال أبو سلمة: والرجز: الأوثان. أ. هـ.

١ جثثت على وزن "فرحت"، معناه: ثَقُلَ جسمي عن القيام، وسببه فزع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخوفه.


الصفحة التالية
Icon