الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك، واستدل بما أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: كان المشركون يقولون: سورة البقرة، وسورة العنكبوت، يستهزئون بها فنزل: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين﴾ ١.
وقد يكون للسورة الواحدة أسماء متعددة، كالفاتحة.
وقد يكون للسورة اسم واحد، وهو الكثير.
والذي ينبغي التزامه المحافظة على الاسم الوارد وعدم تغييره، فإن في فتح باب جواز التسمية إهدارًا لكيان السورة، وما اشتهرت به، وتعمية للجلي الواضح، ووضعه في ثوبٍ من الجهل والخفاء، مما لا يليق وعظمة سور القرآن.
١ راجع النوع السابع عشر من كتاب الإتقان.
ترتيب السور:
اختلف العلماء في ترتيب سور القرآن الكريم على ثلاثة أقوال:
الأول: إن ترتيب السور على ما هو عليه الآن في المصاحف كان باجتهاد الصحابة، ولم يكن بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم.
وينسب هذا القول إلى الإمام مالك، وجمهور غفير من العلماء.
واستدلَّ أصحاب هذا القول بأدلة كثيرة، منها:
١- أن مصاحف الصحابة كانت مختلفة في ترتيب سورها، ولو كان الترتيب توقيفًا ما ساغ لهم أن يرتبوا على غير الوارد.
فمصحف ابن مسعود كان مبدوءًا بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، وهكذا على اختلاف واسع بينه وبين الترتيب الذي في المصحف اليوم.
ومصحف أُبَيِّ بن كعب كان مبدوءًا بالفاتحة ثم البقرة ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، إلخ، مع خلاف كبير.
ومصحف علي -كرَّم الله وجهه- كان مرتَّبًا على حسب النزول، فأوله سورة أقرأ، ثم المدثر، ثم "ن والقلم"، ثم المزمل، ثم تبت؛ ثم التكوير، وهكذا إلى آخر سورة المكية، ثم السور المدنية.