السادس: الاختلاف بالإبدال:
ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: ﴿وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا﴾.
قرئ "ننشزها" بالزاي وبالراء قراءتان متواترتان.
وكذا قوله تعالى: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾.
وقرئ "فتثبتوا" قراءتان متواترتان، موافقتان لرسم المصحف.
ومثال ما لم يوافق رسم المصحف قوله تعالى:
﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾.
قرئ "فامضوا إلى ذكر الله"، وهي مخالفة لرسم جميع المصاحف العثمانية، فتُرِكَت، وعُدَّت منسوخة التلاوة في العرضة الأخيرة.
السابع: اختلاف اللغات "أي: اللهجات" كالفتح والإمالة والترقيق والتفخيم، والإظهار والإدغام، ونحو ذلك.
ويمكن التمثيل له بقوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾.
بالفتح أو الإمالة في "أتى"، وفي "موسى"، وهذا الوجه موافق دائمًا لرسم المصحف؛ لأنه تغيير في النطق الشكلي، وليس في جوهر الكلمة.
مناقشة الأقوال السابقة وبيان الراجح منها:
أما "القول الأول": وهو أن حديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف" مشكَلٌ لا يُعْرَف المراد منه، فإنه لا إشكال فيه بحمد الله تعالى؛ لأن المشترك اللفظي إذا وجدت قرينة تبين المعنى المراد منه لا يكون مشكلًا، وقد قامت قرائن تمنع بعض معانيه، وتعين بعضها الآخر.
لأنه لا يصح أن يراد أحد حروف التهجي؛ لأن القرآن مؤلَّف من جميع حروف الهجاء، لا من سبعة منها فقط.
ولا يصحُّ أن يراد به طرف الشيء، ولا الناقة الضامرة، ولا مسيل الماء، فتعيَّن أن يراد منه الوجه، وإذا تعيَّن أحد وجوه المشترك اللفظي بمثل هذه القرائن لم يكن مشكلًا.