يصوّب النبي -صلى الله عليه وسلم- جميعهم، ويأمر كل قارئ منهم أن يلزم قراءته في ذلك على النحو الذي هو عليه، لما يلزم عليه من اجتماع الضدين على شيء واحد.
فظهر أن هذا القول ساقط لا يعوَّل عليه، ولا يلتفت إليه.
وأما "القول السابع": وهو أن الأحرف السبعة هي حروف سبعة يقع فيها التغاير بين قراءة وأخرى، فهو القول الصحيح الجامع لكلِّ ما تقدَّم من الأحاديث الصحيحة، والموافق للأصول الخمسة التي استنبطها العلماء منها، والذي لا يلحقه اعتراض فيما أرى، ولا يتوجَّه إلى المسلمين فيه أيِّ اتهام.
كما أنه يعتمد على الاستقراء التامِّ لمرجع اختلاف القراءات، ويتمشَّى مع بقاء الأحرف السبعة إلى اليوم.
وهذا القول ذهب إليه في جملته فحول من العلماء، على رأسهم أبو الفضل الرازي -كما ذكرنا، وتبعه فيه أو قاربه كل القرب ابن قتيبة، وابن الجزري، والقاضي ابن الطيب -رحمهم الله جميعًا.
شبهات مردودة:
قد أورد بعض الكُتَّابِ في كتبهم شبهات حول حديث نزول القرآن على سبعة أحرف، وقاموا مشكورين بدحضها وتفنيدها.
الشبهة الأولى: ذهب بعض من لا علم له إلى القول بأن المراد بالأحرف السبعة، القراءات السبعة المنقولة عن الأئمة السبعة المعروفين عند القراء.
قال ابن الجزري في الردِّ على هذه الشبهة:
"لا يجوز أن يكون المراد هؤلاء السبعة القراء المشهورين، وإن كان يظنُّه بعض العوام؛ لأن هؤلاء السبعة لم يكونوا خُلِقُوا ولا وُجِدُوا"١.
"وقال أبو شامة: "ظنَّ قومٌ أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يَظُنُّ ذلك بعض أهل الجهل"

١ النشر ج١ ص٧٥.


الصفحة التالية
Icon