وقال ابن عمار: لقد فعل مُتَّبِعُ هذا السبع ما لا ينبغي له، وأشكل الأمر على العامة، بإبهامه كل من قلَّ نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته نقص عن السبعة، أو زاد ليزيل الشبهة".
وقال مكي بن أبي طالب: هذه القراءات التي يُقْرَأُ بها اليوم، وصحَّت رواياتها عن الأئمة، هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
ثم قال: وأما من ظنٍّ أن قراءة القرَّاء كنافع وعاصم، هي الأحرف السبعة التي في الحديث، فقد غلط غلطًا عظيمًا، قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة، مما ثبت عن الأئمة وغيرهم، ووافق خطَّ المصحف، أن لا يكون قرآنًا، وهذا غلط عظيم"١.
وابن مجاهد الذي جمع القراءات السبع لم يقتصر على السبع لاعتقاده أنها هي المرادة بقوله -صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف"، وإنما كان ذلك منه على سبيل الصدفة، أو كان كما يقول شهاب الدين القسطلاني في مقدِّمَة إبراز المعاني من حرز الأماني" لأبي شامة: "جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قراء هذه الأمصار، ليكون ذلك موافقًا لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن، لا لاعتقاده أو اعتقاد غيره من العلماء أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يقرأ بغير قراءاتهم"٢.
قال أبو شامة في إبراز المعاني: "فذكرت تصانيف الأئمة في القراءات المعتبرة والشاذة، ووقع اختيار أكثرهم على الاقتصار على ذكر قراء سبعة من أئمة الأمصار، وهم الذين أجمع عليهم، وإن كان الاختلاف أيضًا واقعًا فيما نُسِبَ إليهم، وأول من فعل ذلك الإمام أبو بكر بن مجاهد قبيل سنة ثلاثمائة أو في نحوها، وتابعه بعد ذلك من أتى بعده إلى الآن، وكان من كبار أئمة هذا الشأن، وبعضهم صنَّف في قراءة أكثر من هذا العدد، وبعضهم في أنقص منه.
واختار ابن مجاهد ومن بعده هذا العدد موافقة لقوله -عليه الصلاة والسلام: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف".
٢ ص٢٢.