المبحث الرابع عشر: القراءات والقراء
مدخل
...
المبحث الرابع عشر: القراءات والقراء
علم القراءات من أجلِّ العلوم قدرًا، وأرفعها منزلة، وهو لا يقل عن علم التفسير شأنًا؛ لأنه يعنى ببيان الوجوه التي أُنْزِلَ بها القرآن، وحفظها وضبطها وتصحيح أسانيدها، وتوثيق رواتها، وتمييز متواترها وآحادها وشاذِّها، وغير ذلك مما يتعلَّق بها من الأحكام.
وإنه لمن العلوم التي لا يستغني عنها مشتغِلٌ بالدراسات الشرعية واللغوية، لهذا اعتنى به فريق كبير من العلماء، وفرَّغُوا أنفسهم له حتى نبغوا فيه واشتهروا به ولقِّبُوا بالقراء، وهم كثير -بحمد الله- في كل زمان ومكان، وعلى جانبٍ عظيم من الورع والتقى وشرف المكانة وعلوِّ المنزلة بين علماء الشريعة واللغة بوجه خاصٍّ، وبين الناس بوجه عام.
وهذا العلم بحر واسع عميق الأغوار، لا يجيد السباحة فيه إلّا من عَلَت همته، وقويت عزيمته، وتعدَّدت مواهبه، واتسعت مداركه، وكان على حظٍّ وافر من الورع والتقى والإخلاص.
وسنتكلم في هذا المبحث عن تعريف هذا العلم، وبيان الحكمة من تعدد القراءات، ونشأة علم القراءات، وأقسامها باعتبار السند وضوابط قبولها، وخلاف العلماء في شرط التواتر في كل قراءة، وغير ذلك مما يأتي عرضًا في ثنايا البحث.
والله ولي التوفيق.