فيه فإن كثير يصل الهاء بياء وصلا إذا كان الساكن قبل الهاء ياء نحو: "فِيهِ هُدى" [البقرة الآية: ٢] وبواو إذا كان غير ياء نحو: "خذوه"، "فاعتلوه"، "واجتبيه"، "وهديه" على الأصل وافقه ابن محيصن وقرأ حفص "فِيهِ مُهَانًا" [الفرقان الآية: ٦٩] بالصلة وفاقا له والباقون بكسرها بعد الياء وضمها بعد غيرها مع حذف الصلة تخفيفا، إلا أن حفصا ضمها في "أنسانيه" [الكهف الآية: ٦٣] "عَلَيْهُ اللَّه" [الفتح الآية: ١٠] وهذا من القسم الثاني وافقه ابن محيصن في موضع الفتح وزاد ضم كل هاء ضمير مكسورة قبلها كسرة أو ياء ساكنة إذا وقع بعدها ساكن نحو: "به انظر"، "به الله" وقرأ الأصبهاني عن ورش بضم "بِهِ انْظُر" [الأنعام الآية: ٤٦] كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.
واستثنوا من القسم الأول حروفا اختلف فيها، وجملتها اثنا عشر.
منها أربعة أحرف في سبعة مواضع، وهي: "يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ" [آل عمران الآية: ٧٥] "نُؤْتِهِ مِنْهَا" [آل عمران الآية: ١٤٥] "وثالث" [الشورى الآية: ٢٠] "نوله"، "ونصله" [النساء الآية: ١١٥] فسكن الأربعة في المواضع المذكورة أبو عمرو وهشام من طريق الداجوني وأبو بكر وحمزة وكذا ابن وردان من طريق النهرواني عن ابن شبيب، ومن طريق أبي بكر بن هارون كلاهما عن الفضل عنه وابن جماز من طريق الهاشمي وافقهم الحسن والأعمش، وقرأ قالون وهشام من طريق الحلواني بخلف عنه، وابن ذكوان من أكثر طرق الصوري، وكذا يعقوب وابن جماز من طريق الدوري وابن وردان من باقي طرقه باختلاس كسرة الهاء، والباقون بإشباع الكسر، وافقهم اليزيدي وابن محيصن، وبه قرأ هشام في أحد أوجهه من طريق الحلواني وهو الثاني، لابن ذكوان فصار لهشام في الأربعة ثلاثة أوجه الإسكان والصلة والاختلاس ولابن ذكوان وجهان القصر والإشباع ولأبي جعفر وجهان: الإسكان، والقصر.
ومنها: "يَأْتِهِ مُؤْمِنًا" بـ[طه الآية: ٧٥] فقرأه بالإسكان السوسي بخلاف عنه وافقه اليزيدي بخلفه أيضا، وقرأه بكسر الهاء مع حذف الصلة، ومع إثباتها قالون وكذا ابن وردان ورويس والباقون بإثبات الصلة وهم: ورش وابن كثير والدوري والسوسي في وجهه الثاني، وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وكذا ابن جماز وروح وخلف، وافقهم ابن محيصن والحسن، والأعمش.
تنبيه: بما تقرر علم أن ابن عامر من أصحاب الصلة في هذا الحرف أعني "يأته" قولا واحدا، وهذا هو الذي في الطيبة كالنشر وتقريبه وغيرهما لكن كلام الشاطبي رحمه الله تعالى يفهم بظاهره جريان الخلاف لهشام عنه بين الصلة والاختلاس وذلك أنه قال:

١ أي: اتباعا للأثر وجمعا بين اللغتين. وقيل قصد بها مد الصوت تسميعا بحال العاصي.
٢ أي: اجتزاء بالكسرة قبلها. ووجهها بعضهم بأن الهاء لما كانت خفية يضعف حجزها وحذفت صلتها لتوهم التقاء الساكنين. وهو قول سيبويه كما ذكره الجعبري.


الصفحة التالية
Icon