يعد ألم وحده إلى ابن كثير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في النشر: وصار العمل على هذا في أمصار المسلمين في قراءة ابن كثير وغيرها، ويسمونه الحال المرتحل أي: الذي حل في قراءته آخر الختمة وارتحل إلى ختمة أخرى، فلا يزال سائرا إلى الله تعالى، وعكس بعضهم فقال: الحال المرتحل الذي يحل في ختمة عند فراغه من الأخرى، والأول أظهر كما في النشر، وأصل هذا الحديث في جامع الترمذي من حديث صالح المزي عن قتادة عن زرارة عن ابن عباس قيل يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله تعالى قال: "الحال المرتحل"، ورواه أبو الحسن بن غلبون، وزاد فيه يا رسول الله ما الحال المرتحل قال: "فتح القرآن وختمه صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره ومن آخره إلى أوله كلما حل ارتحل"، لكن الحديث تكلم فيه من جهة صالح المزي وقطع بصحته أبو محمد مكي وضعفه أبو شامة١، وقال إن مداره على صالح المزي وهو وإن كان عبدا صالحا فهو ضعيف، وفسر الحال المرتحل بالمجاهد كلما ختم غزوة افتتح أخرى وأجيب بأنه ليس مدار الحديث على صالح بل رواه زيد بن أسلم وغيره كما بينه بيانا شافيا حافظ الوقت صاحب النشر قال: وقد روى الحافظ أبو عمرو الداني بإسناد صحيح عن الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون إذا ختموا القرآن أن يقرءوا من أوله آيات، وهذا صريح في صحة ما اختاره القراء، وذهب إليه السلف، وليس المراد لزوم ذلك بل من فعله فهو حسن ولا حرج في تركه، ومنهم قوم يطعمون الطعام للفقراء شكرا لله تعالى على ما أولاهم من نعمة الختم، وهؤلاء قوم بسطتهم رؤية النعمة في الطاعة من الله تعالى ففرحوا بها، وقاموا بشيء من واجب شكرها، وقد قال الله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ فينبغي الجمع بين هذه الأربعة فيصل الخاتمة بالفاتحة، ويتعرض لنفحات الله تعالى بالاستغفار ثم الدعاء ثم يطعم الطعام، وأما ما اعتيد من تكرار سورة الإخلاص ثلاث مرات فقال في النشر: إنه لم يقرأ به ولا نعلم أحدا نص عليه من القراء والفقهاء سوى أبي الفخر حامد بن علي بن حسنوية القزويني في كتاب حلية القراء فإنه قال فيه: القراء كلهم قرءوا سورة الإخلاص مرة واحدة إلا الهرواني بفتح الهاء والراء عن الأعشى فإنه أخذ بإعادتها ثلاثا والمأثور مرة واحدة، قال: أعني صاحب النشر، والظاهر أن ذلك كان اختيارا من الهرواني فإن هذا لم يعرف في رواية الأعشى ولا ذكره أحد من علمائنا، وقد صار العمل على هذا في أكثر البلاد عند الختم، والصواب ما عليه السلف لئلا يعتقد أن ذلك سنة، ولهذا نص أئمة الحنابلة على أنه لا تكرر سورة الصمد، قالوا وعنه يعنون أحمد لا يجوز. انتهى كلام النشر٢، قيل والحكمة فيه ما أورد أنها تعدل ثلث القرآن فيحصل به ثواب ختمة.
فإن قيل كان ينبغي أن تقرأ أربعا ليحصل ختمتان فالجواب إن المراد أن يكون على

١ انظر كتاب إبراز المعاني لأبي شامة: "٤٩٩". [أ].
٢ وهو مأخوذ منه: "٢/ ٤٤٠ إلى ٤٥٢". [أ].


الصفحة التالية
Icon