كما يحتمل من حيث تجرد خط المصحف من الشكل قراءة المعتزلة: "وكلم اللهَ موسى تكليما".
والرافضة: "وما كنت متخذ المضلَّين عضدا" بفتح اللام، يعنون: أبا بكر وعمر، رضي الله عنهما١.
ولكن شيئًا من ذلك لم ينقل في صحيح الرواية، ولم يرد فيما ثبت عن الرسول، فهو إذًا من تحريف أهل البدع والأهواء، فأصبحت القراءة به بهتانًا وكفرًا، ومنكرًا من القول وزورًا.
على أنه يتبين من الآيات التي أوردها "جولدتسيهر" أنه اعتمد على قراءات لم ترد في قراءات الأربعة من بعد العشر.
ثم أود أن أسأل سؤالًا: لماذا استُتيب ابن شنبوذ عن قراءة له بحضور ابن مجاهد، وجماعة من العلماء والقضاة؟ ٢.
ثم لماذا أحضر السلطان ابن مقسم "٣٥٤هـ" واستتابه بحضرة الفقهاء والقراء فأذعن بالتوبة، وكتب محضر توبته٣؟!.
السبب في ذلك أن ابن مقسم ذُكِرَ عنه أنه كان يقول:
"إن كل قراءة وافقت المصحف، ووجهًا في العربية فالقراءة بها جائزة، وإن لم يكن لها سند"٤.
أمّا ابن شنبوذ، فإنه كان يغير حروفًا من القرآن، ويقرأ بخلاف ما أنزل٥، كان يعتمد على السند وإن خالف المصحف، واتفقا على موافقة العربية٦.
موقفان متغايران! هذا يعذب؛ لأنه خالف رسم المصحف.
وذاك يعذب؛ لأنه اختار القراءة بكل ما يحتمله الرسم.
والأمر لا يبدو عجبًا؛ بل هو دليل على أن القراءة سنّة مُتَّبعَة، وأنها كذلك رويت مسندة إلى الصحابة تلقيًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأجمعوا عليها كذلك.
فابن مقسم جعل القراءة تابعة للرسم، وأخلاها من السند فردت قراءته.
٢ طبقات القرّاء: ٢/ ٥٤.
٣ طبقات القرّاء: ٢/ ١٢٤.
٤ طبقات القرّاء: ٢/ ١٢٤.
٥ وفيات الأعيان: ٣/ ٣٢٦.
٦ طبقات القرّاء: ٢/ ٥٤.