يا دارَ سَلْمَى يا اسْلَمِي ثُمَّ اسْلَمِي عَنْ سَمْسَمٍ وَعَنْ يَمِيْنِ سَمْسَمِ (١)
وإِنَّمَا أكثرنا الشاهدَ في هذا الحرف كما فَعَلَ مَن قبلَنَا، وإِنَّمَا فعلوا ذلك لقلةِ اعتيادِ العامَّةِ لدخول «يا» إِلَّا في النداء، لا تكاد العامة تقول: يَا قَدْ قَدِمَ زَيدٌ، ولا: يَا اذْهَبْ بِسَلامٍ» (٢).
فقد وضح الزجاج هنا علة الإكثار من إيراد الشواهد الشعرية على بعض المسائل دون بعض، وهو قلة اعتياد العامة على مثل تلك الألفاظ أو الأساليب، ولعل الزركشي يعني بإفادة العلم دون العمل أي العلم بمعاني غريب اللغة الذي لم يعتده عامة الناس كما بَيَّنَ الزجاجُ والله أعلم.
ويعني الزجاج بقوله: «وإِنَّمَا أكثرنا الشاهدَ في هذا الحرف كما فَعَلَ مَن قبلَنَا» أبا عبيدة معمر بن المثنى، فقد أورد الشواهد الثلاثة عند هذا الحرف (٣)، في حين لم يورد الأخفشُ سوى شطرٍ من بيت ذي الرمة (٤)، والفراء لم يورد إلا بيتَ الأخطل (٥)، وتابعه في ذلك الطبري فلم يزد على ما عنده (٦).
ومن أمثلة الإكثار من الشواهد عند المفسرين قول الطبري: «ومن الدلالة على أن المطر الشديد قد يُسمَّى طوفانًا، قولُ حُسَيلِ بنِ عُرْفُطَة (٧):
غَيَّرَ الجِدَّةَ مِن آَيَاتِهَا خُرُقُ الريحِ وطوفانُ المَطَر (٨)
_________
(١) سَمْسَم بلد من بلاد تميم، أو كثبات رمل. ورواية الديوان للشطر الثاني من الرجز:
بِسَمْسَمٍ أو عَنْ يَميْنِ سَمْسَم...
انظر: ديوانه ٢٧٨.
(٢) معاني القرآن ٤/ ١١٥ - ١١٦.
(٣) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٩٣ - ٩٤.
(٤) انظر: معاني القرآن ٢/ ٤٦٥.
(٥) انظر: معاني القرآن ٢/ ٢٩٠.
(٦) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٨/ ٤١.
(٧) حسيل بن عرفطة الأسدي، شاعر جاهلي. انظر: نوادر أبي زيد ٧٥، ٧٧.
(٨) خُرُق جمع خريق، وهي الريح الشديدة الهبوب التي تخترق المواضع. انظر: نوادر أبي زيد ٧٧.


الصفحة التالية
Icon