٨ - الشواهد المشتركة.
وهي شواهد شعرية تتضمن عددًا من مواطن الاستشهاد في مفرداتها اللغوية، أو تركيبها، وترد في كتب التفسير وغيرها، فيستشهدون بها على أكثر من وجهٍ، فهي شواهدُ صرفية، ولغوية معجمية، وتاريخية، أوردها المفسرون في مواضع متفرقة بحسب الحاجة، مع تعدد وجه الاستشهاد، وربما يكون فيها أكثر من استشهاد على جانب واحد كالجانب اللغوي مثلًا. ولكونها متعددة الجوانب حسُنَ إفرادُها بالذكر للتنبيه عليها، والحث على حفظها والعناية بها.
١ - من الأمثلة على هذا النوع قول الفرزدق، ونُسِبَ لغيره:

بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا، وبَنَاتُنَا بَنُوهُنَّ أَبناءُ الرِّجَالِ الأَبَاعِدِ (١)
فهو شاهدٌ عند النحويين «على أَنَّ المبتدأَ والخَبَر إذا تساويا تعريفًا وتَخصيصًا يَجوزُ تأخيرُ المبتدأ إذا كان هناكَ قرينةٌ معنويةٌ على تعيين المبتدأ، فإِنَّهُ قَدّم الخبر هنا على المبتدأ لوجود القرينةِ من حيثُ المعنى، فإنك عرفت أنَّ الخَبَر هو مَحطُّ الفائدة، فما يكون فيه التشبيه الذي تذكر الجملة لأجله فهو الخبر، وهو قوله: بنونا، إذ المعنى: أَنَّ بَنِي أَبنائِنا مثلُ بَنينا، لا أَنَّ بَنِينا مثلُ بني أَبنائِنا» (٢).
وشاهدٌ عند البلاغيين على أَنَّهُ جاء على عكسِ التشبيهِ. قال ابنُ هشام: «قد يُقال: إِنَّ هذا البيتَ لا تقديمَ فيهِ ولا تأخير، وإِنَّهُ جاء على عكس التشبيه» (٣).
_________
(١) انظر: ديوانه ٢١٧، خزانة الأدب ١/ ٤٤٥، دلائل الإعجاز ٣٧٤.
(٢) خزانة الأدب ١/ ٤٤٥. وانظر: شرح ابن عقيل للألفية ١/ ٢٠٢، الإنصاف في مسائل الخلاف ٦٢، شرح الأشموني ١/ ٢١٠، شرح المفصل لابن يعيش ١/ ٩٩، ٩/ ١٣٢، تخليص الشواهد ١٩٨، شرح التصريح ١/ ١٧٣، الدرر اللوامع للشنقيطي ١/ ٧٦، همع الهوامع ١/ ١٠٢.
(٣) انظر: خزانة الأدب ١/ ٤٤٦، دلائل الإعجاز ٣٧٤.


الصفحة التالية
Icon