وسألت عن هذا أبا عبد الله محمد بن أبي العافية النحوي فأجازه لي، وقال لي: قد قرئ في غير السبع، وكتب لي بذلك خط يده بحضرتي.
وقال لي أبي -رضي الله عنه: هذا ذهاب عن الصواب الذي عليه الخليل وسيبويه وسائر النحويين المتقدمين. والقول في ذلك أن ورشا إنما ضم ميم الجميع مع الهمزة للإشعار بأنه قصد إلى أصله، من تخفيف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها في مثل: ﴿هَلْ أَتَاكَ﴾، و ﴿مِنْ إِمْلاقٍ﴾ [الأنعام: ١٥١]، و ﴿فَقَدْ أُوتِيَ﴾ [البقرة: ٢٦٩] فاعترضه أن ميم الجميع لا تحرك عند الحاجة إلا بحركتها، لا بحركة التقاء الساكنين ولا بحركة غيرها، وإنما تحرك بحركة أصلها في نحو: ﴿عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ [البقرة: ٦١]، [آل عمران: ١١٢]، و ﴿إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ﴾ [يس: ١٤] فصرفته حركة الأصل عما قصد إليه من نقل الحركة إليها.
وهذا أحد الأحكام التي يقصدها المتكلم فتعترضه الأصول، فلا يصل إليها مخافة الإحالة في معارضة الأصول.
ونظير هذا ما روى سيبويه عن الخليل في قولهم: اضربا زيدًا بالنون الخفيفة، فقال: إذا أمرت اثنين وأردت النون الخفيفة قلت: اضربا زيدًا، فلم يأت بها لمعارضة أصل آخر يمنع منها، وهو أنه لا يلتقي ساكنان في هذا الموضع لعدم شرطه، وذلك أن الشرط المصحح لالتقائهما كون الأول حرف مد، وكون الثاني مدغما إدغاما لازما، فلم يجز: اضربان زيدا، باجتلاب النون مع قصدهم إلى ذلك، فكذلك ميم الجميع، إنما قصد ورش إلى نقل الحركة، وعلم أن ذلك لا يتأتى له فأتى بحركة الأصل، وأذن بها أن قصده نقل الحركة.
وقال الأهوازي: واختلف عنه عند الحاء والعين، كقوله:
﴿وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ﴾ [المائدة: ١٣]، و ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ ونحوهما.
قال: والذي قرأت به عن ورش بترك الهمز، ونقل حركته إلى الحاء والعين في ذلك على أصله.
فأما ﴿آلْآنَ﴾ في الموضعين في [يونس: ٥١، ٩١] فنقل ورش الحركة فيهما على


الصفحة التالية
Icon