والذي عليه شيوخنا أنه لا فرق بين ﴿يَا آدَمُ﴾ وبين ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾.
وقرأ الباقون بزيادة المد من غير اختلاف عنهم في ذلك حيث وقع.
والذين يقصرون المد في هذا المختلف فيه هم أقصر مدا في المتفق عليه، نص على ذلك الأهوازي وأبو عمرو، وهذا مما ذاكرت به أبا الحسن بن شفيع -رحمه الله- وسألته عنه، فأخبرني بمثل ما ذكرا.
وإنما جرى القراء في المد على طريقة العرب في إدغام المتحرك، فالعرب اجتمعت على الإدغام فيما كان من كلمة نحو "قد، ومد، واحمر" ولم تجتمع في المنفصل نحو ﴿جَعَلَ لَكَ﴾ [الفرقان: ١٠] وإن كان الإدغام أحسن، قال سيبويه: "والبيان عربي جيد حجازي؛ لأن الحرف المنفصل لا يلزمه أن يكون بعده الذي هو مثله سواء".
وتعليل القراء المد مع الهمزة من كلمة ومن كلمتين كتعليل سيبويه في الإدغام، فتأمله.
وأطول القراء مدا في الضربين ورش وحمزة، ومدهما متقارب.
وحدثني أبو القاسم عن أبي معشر قال: وحمزة أطولهما مدا، وقال الأهوازي: مد ورش أطول من مد حمزة، قال: وقال ابن شنبوذ عنه: مثل مد حمزة أو أطول.
ويليهما عاصم؛ لأنه كان صاحب مد وقطع وقراءة شديدة، وبذلك وصفه شريك بن عبد الله القاضي، فيما حدثني علي بن أحمد بن كرز المقرئ، قراءة مني عليه، حدثنا ابن عبد الوهاب، حدثني الأهوازي شيخنا، حدثنا أبو إسحاق الطبري، حدثنا أبو بكر الولي، حدثنا أبو علي الصواف، حدثنا أبو حمدون عن شريك أنه قال ذلك.
ويليه ابن عامر والكسائي، على أن الأهوازي قد أسند عن ابن ذكوان حكاية في التجويد استقرأ منها أن مده كمد عاصم، ثم حكى في كتاب "الإيضاح" عن أبي عبد الله اللالكائي بإسناده إلى الأخفش عن ابن ذكوان أن مد ابن عامر كمد عاصم، قال: وما سمعت هذا من غير هذا الطريق، ووجدت أهل الشام ما يعرفون ذلك.
قال أبو جعفر: وعلى ما قرأت به للحلواني عن هشام من غير طريق ابن عبدان من ترك مد حرف لحرف يكون مد ابن عامر دون مد الكسائي.


الصفحة التالية
Icon