وأما التلحين: فهو الأصوات المعروفة عند من يغني بالقصائد وإنشاد الشعر، وهي سبعة ألحان، وقد أتى القرآن بثامن ليس في أصواتهم، والذي يلحن إذا أتى باللحن لا يخرج منه إلى سواه.
وقد اختلف السلف في جواز ذلك، فكرهه قوم وأجازه آخرون، فأما الإقراء به فلا يجوز، ولا بالتطريب، ولا بالترقيص، ولا بالتحزين، ولا بالترعيد، على ذلك وجدت علماء القراءة في سائر الأمصار.
حدثنا أبو الحسن، حدثنا أبو القاسم، حدثنا أبو علي قال: وسمعت أبا الفرج معافى بن زكرياء الحلواني يقول: حضرت يوما عند ابن مجاهد، وقرأ عليه قارئ فطرَّب، فقال له ابن مجاهد: ما أطيب هذا! أخبئه لبيتكم.
حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عتاب قراءة مني عليه، حدثنا أبي، حدثنا أبو المطرف القنازعي، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو العلاء الوكيعي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس، عن الأعمش أن رجلا قرأ عند أنس فطرَّب، فكره ذلك أنس.
وبه إلى أبي بكر قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا عمران بن عبد الله بن طلحة أن رجلا قرأ في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان فطرب، فأنكر ذلك القاسم بن محمد وقال: يقول الله تعالى:
﴿لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: ٤١، ٤٢].
حدثنا أبو علي الغساني في جماعة قالوا: حدثنا أبو عمر النمري، قال: حدثنا خلف بن قاسم الحافظ، حدثنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن زيد، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن ثور بن عمرو، حدثنا أبي، حدثنا عقبة بن علقمة، حدثني مالك بن أنس عن أبان بن أبي عياش قال: سمع أنس بن مالك رجلا يقرأ بالألحان، فرفع حريزة كانت على حاجبه، وأرانا عقبة، فقال أنس: ما كنا نعرف هذا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon