فأما ﴿يَخْلُ لَكُمْ﴾ فذكره الخزاعي عن أبي شعيب بالإظهار، وعن الدوري بالإدغام، وذكر أنه قرأ على الشذائي للدوري بالوجهين، وذكر الأهوازي عن الخزاعي عن ابن حبش وابن الكاتب عن ابن مجاهد الإدغام، وهو اختيار الداجوني.
والمشهور عن ابن مجاهد اختيار الإظهار فيه، وهو اختيار ابن المنادي والنقاش وعثمان بن سعيد.
فحدثنا أبو داود قال: قال لنا عثمان: الإدغام عندي في ﴿يَخْلُ لَكُمْ﴾ قبيح؛ لأنه منقوص، والساكن قبله غير حرف مد، قال: والوجه فيه أن يكون مخفى.
قال أبو جعفر: ومن قال فيه من أهل الأداء، وفي نظائره بالإدغام إنما أراد به الإخفاء.
وأما ﴿آلَ لُوطٍ﴾ ففي تعليقي عن أبي حاتم من كتاب "القراءات" عن عصمة بن عروة الفقيمي، أن أبا عمرو كان يظهر، ويعتل بقلة حروف الكلمة، وبه الأخذ لأبي الزعراء؛ لأن ابن مجاهد وأصحابه ذهبوا إليه، قال الخزاعي: اتفقوا إلا أبا الزعراء على إدغام ﴿آلَ لُوطٍ﴾ حيث جاء.
قال أبو جعفر: وقد ذكر غيري، وهو أبو عمرو عثمان بن سعيد الحافظ -رحمه الله- عن عصمة فيه الإدغام، وقد أخبرت بما عندي الآن فيه.
وإلى الإدغام ذهب عثمان بن سعيد، وإليه ذهب أبي -رضي الله عنه- ورَدَّا هذا الاعتلال المروي عن أبي عمرو بإدغامه ﴿لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف: ٥] وهو أقل حروفا من ﴿آلَ﴾. وحدثنا أبو داود قال: حدثنا أبو عمرو قال: وإذا صح الإظهار فيه فلاعتلال عينه، إذ كانت هاء فأُبدلت همزة، ثم قُلبت ألفا لا غير، فكره الإدغام لذلك، قال: والدليل على أن أصل عين الفعل في ذلك همزة، وأن الأصل "أهل" أنك إذا صغرت قلت: "أهيل" فأبدلت الهاء همزة، كما أبدلت في: هرقت أرقت، وهياك وإياك، وهيهات وأيهات، في نظائر لذلك، قال: وهذا قول جميع النحويين إلا الكسائي، فإن الأصل عنده "أول" فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها انقلبت ألفا، وتصغيره "أويل".


الصفحة التالية
Icon