قال ابن كثير ١: “فالذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر رضي الله عنهم أجمعين من أنه قد أمرنا إذا فتح الله علينا المدائن والحصون أن نحمد الله ونشكره؛ يعني: ونصلي له، ونستغفره معنى مليح صحيح، وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي ﷺ يوم فتح مكة ثماني ركعات. وفي سنن أبي داود: “ أنه ﷺ كان يسلم يوم الفتح من كل ركعتين”٢.
وهكذا فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يوم فتح المدائن”.
قال ابن كثير: “وأما ما فسر به ابن عباس وعمر رضي الله عنهما من أن هذه السورة نعي فيها إلى رسول الله ﷺ نفسه الكريمة: واعلم أنك إذا فتحت مكة ـ وهي قريتك التي أخرجتك ـ ودخل الناس في دين الله أفواجاً فقد فرغ شغلنا بك في الدنيا، فتهيأ للقدوم علينا والوفود إلينا، فالآخرة خير لك من الدنيا، ولسوف يعطيك ربك فترضى، ولهذا قال: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾ ”.
وروي أنها لما نزلت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقائه، فاختار لقاء الله". ف علم أبو بكر رضي الله عنه فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا وأموالنا” ٣.
٢ أخرجه البخاري في الصلاة ٣٥٧، ومسلم في الحيض ٣٣٦، وأبو داود في الصلاة ١٢٩٠، ١٢٩١، والنسائي في الطهارة ٢٢٥، والترمذي في الصلاة ٤٧٤، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها ١٣٢٣ عن أم هانئ: (أنه ﷺ عام الفتح قام فصلى ثمان ركعات... قالت: وذاك ضحى).
٣ أخرجه الترمذي في المناقب ٣٦٥٩، ٣٦٦٠ ـ من حديث ابن المعلى عن أبيه وقال: “حديث حسن غريب” ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال: “حديث حسن صحيح”. وانظر “الكشاف “ ٤/٢٤٠.