ويا لله ما مدى بركة عمر من وفقه الله لهذا التصور، ثم أعطاه من العمر ما أعطاه، ويا لله ما أقل بركة عمر معمر غاب عنه هذا التصور، وعاش غافلاً لاهياً حتى فاجأه الأجل.
ولقد أحسن القائل ١.

فما نحن في دار المنى غير أننا شغفنا بدنيا تضمحل وتذهب
فحثوا مطايا الارتحال وشمروا إلى الله والدار التي ليس تخرب
د - التفكر في عظمة الآخرة وعلو مكانتها ورفعة منزلتها، وأنها دار القرار ودار الحياة الحقيقة، إما نعيم أبدي، نسأل الله من فضله، أو عذاب سرمدي، نسأل الله السلامة، كما قال عز وجل: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ ٢.
هـ - أن يتفكر الإنسان في ضعفه، فهو من أضعف المخلوقات، إن لم يكن أضعفها، وعمره بالنسبة لأعمار من سبق من الأمم لا يساوي شيئاً. قال صلى الله عليه وسلم: “أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك” ٣. فيستمد قوته من القوي المتين سبحانه، ويستمد بركة العمر من الحي القيوم الذي لا يموت.
١ هذان البيتان من قصيدة الشاعر ابن عثيمين مطلعها:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
انظر (ديوان ابن عثيمين) ص٤٩٨، طبعة دار المعارف بمصر.
٢ سورة العنكبوت، آية: ٦٤.
٣ أخرجه الترمذي في الدعوات ٣٥٥٠، وابن ماجه في الزهد ٤٢٣٦، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال: (حديث حسن غريب) وقال الألباني: (حسن صحيح). انظر: (الأحاديث الصحيحة) ٧٥٧ن (صحيح المشكاة) ٥٢٨٠، (صحيح سنن ابن ماجه) حديث ٣٤١٤.


الصفحة التالية
Icon