وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة قالوا: لأن آيات المواريث إنما هي مخصصة لآية الوصية خصصتها في الأقربين غير الوارثين. فالميراث للوالدين والأقربين الوارثين، والوصية لغير الوارثين.
ومما ينبغي أن يعلم من أحكام الوصية أمران وهما من الأهمية بمكان؛
الأول: مقدارها.
اعلم أخي المسلم ـ بارك الله فيك ـ أن الوصية جائزة في الثلث ١ وما دونه لقوله ﷺ لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: “الثلث والثلث كثير” ٢.
والأفضل أن تكون في الخمس، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وصيته أوصى بالخمس وقال: “رضيت لنفسي بما رضي الله به لنفسه”٣ يعني في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى

١ انظر (الإجماع لابن المنذر) ص٨١، (الإفصاح) ٢/٧٠، (المحرر الوجيز) ٤/٣٩، (المغني) ٨/٣٩٥.
٢ أخرجه البخاري في الوصايا ٢٧٤٢، ومسلم في الوصية ١٦٢٨، وأبو داود في الوصايا ٢٨٦٤، والنسائي في الوصايا ٣٦٢٦، والترمذي في الوصايا ٢١١٦ من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "عادني رسول الله ﷺ في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت. فقلت يا رسول الله بلغني ما ترى من الوجع وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة واحدة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت أفأتصدق بشطره؟ قال: لا. الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم يتكففون الناس".
٣ أخرجه عبد الرزاق في الوصايا ـ (المصنف) ٩/٦٦، الأثران ١٦٣٦٣، ١٦٣٦٤، وابن أبي شيبة في الوصايا ـ (المصنف) ١١/٢٠٠ ـ الأثر ١٠٩٦٥، والبيهقي في الوصايا ـ (سنن البيهقي) ٦/٢٧٠.


الصفحة التالية
Icon