(العربي) المعجز جزء من ماهية القرآن والكل بدون الجزء مستحيل كما يقول النيسابورى١.
ويدل النص من ناحية أخرى على ما نسب لأئمة الحنفية من خلاف حول المعنى السابق.. وما نسب للأحناف يصوره ما أورده النيسابوري قال:
قال الشافعي: "ترجمة القرآن لا تكفي في صحة الصلاة لا في حق من يحسن القراءة ولا في حق من لا يحسنها"، وقال أبو حنيفة: "إنها كافية في حق القادر والعاجز". وقال أبو يوسف ومحمد: "كافية في حق العاجز لا القادر"٢.
وبناء على ما نقله النيسابوري يتضح أن أبا حنيفة: يجوز قراءة ترجمة القرآن في الصلاة.. وأن ذلك الجواز إنما هو للقادر على قراءته باللغة العربية وللعاجز معاً وإن الصاحبين خالفاه في هذا الإطلاق فرخصا للعاجز دون القادر.. وإن قراءة الترجمة في الصلاة تفيد أن المقروء قرآنٌ لقوله تعالى: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن﴾.
والأجدر بنا أن نرجع إلى كتب الحنفية أنفسهم حتى نتعرف عن قرب على رأي الإمام وأصحابه في هذا الصدد ولكن قبل أن نشرع في ذلك ينبغي أن ننبه إلى أن أبا حنيفة ليسَ بعربي.. بل تربى وتأثر بالثقافة والحضارة الفارسية قبل الإسلام.. وعاش في منطقة العراق الحالية حيث كان يسكنها الفرس مع غيرهم من العرب والأجناس الأخرى.. لا غرو أن يجابه الإمام الأعظم وأي إمام في مكانته بمثل هذه المسألة الفقهية التي تعكس الواقع الذي كان يعيشه.. ذلك أن الناس يدخلون كل يوم في دين الإسلام وأنهم يعانون ويجابهون صعوبة في تعلم العربية لوقتها.. فهل من حاجة في أن يعرب لهم المعنى القرآني بلغتهم ليؤدوا الصلاة حتى حفظوا من السور القرآنية ما يغني عن ذلك أم أنه ليس هناك حاجة ابتداء لهذا التجوز؟؟ ولقد واجه هذا الواقع من قبل - ولكن بصورة أخف - سيدنا عبد الله بن مسعود قالوا وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يعلم رجلاً أن شجرة الزقوم طعام الأثيم والرجل لا يحسنه، فقال: "قل طعام الفاجر، ثم قال عبد الله ليس الخطأ في القرآن أن نقرأ مكان العليم الحكيم إنما الخطأ بأن تضع مكان آية الرحمة آية العذاب". قلنا الظن بابن مسعود غير ذلك٣.
تلكم كانت صورة من البيئة والظروف التي وجد فيها أبو حنيفة نفسه مضطرا لمجابهة مثل هذا الواقع الذي قلما يجابه إماماً كمالك بالمدينة أو الأوزاعي بالشام أو الشافعي بمصر وهاك موجزا لما جاء في كتب الحنفية في هذا الموضوع:

١ تفسير النيسابوري المطبوع بهامش تفسير الطبري: لمؤلفه الحسن بن علي بن محمد بن حسين القصي النيسابوري (١/٨٠) المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق – مصر - ١٢٢٣ – الطبعة الأولى.
المرجع السابق. ٢
المرجع السابق. ٣


الصفحة التالية
Icon