لطيفة: إنّ في استحضار الذات العليّة بوصف ﴿ذِي الْعَرْشِ﴾ دون اسمه العلم لما تتضمّنه الإضافة إلى العرش من الشأن الجليل الذي هو مطمع الآلهة في ابتغاء القربة والزلفى من سعة ما عنده تعالى على المعنى الأول، أو الذي هو مثار حسد الآلهة إياه وطمعهم في انتزاع ملكه تعالى على المعنى الثاني١.
مطلب: في بيان آية التسبيح وغايته:
- لمّا أقام الله - عزّ وجلّ - الدليل القاطع على كونه منزهاً عن الشركاء؛ وعلى أنّ القول بإثبات الآلهةقول باطل، أتبعه بما يدلّ ويؤكِّد على تنزيهه عن هذا القول وتلكم الفرية والبهتان فقال منزهاً ذاته وممجّدها ومقدّسها عمّا لا يليق بها ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً﴾ ٢.
- ولم يقتصر التنزيه على لفظة ﴿سُبْحَانَهُ﴾ وإن كانت تؤدي إلى المعنى المراد؛ ولكنّما جيء بعدها بقوله: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً٣ كَبِيراً﴾، وذلك لمزيد التأكيد لمعنى تنزيه الله عزّ وجلّ عن قولتهم الشنيعة في حقِّه العظيم وشأنه الجليل.
٢ انظر: تفسير الطبري ج١٥ ص٦٥؛ تفسير القرطبي ج١٠ ص٢٦٦؛ التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٠ ص٢١٧؛ تفسير ابن كثير ج٣ ص٤١؛ تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور ج ١٥ ص١١٣.
(علواً) مفعول مطلق عامله (تعالى) جيء به على غير قياس فعله للدلالة على أنّ التعالي هو الاتصاف بالعلوّ بحقّ لا بمجرد الادّعاء (التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٥ ص١١٣).