ومبالغة في النزاهة -أيضاً- وصف العلّو بالكبر؛ وليدلّ على أنّ المنافاة بين ذاته وصفاته - عزّ وجلّ- وبين نسبة الشريك له بلغت في القوة والكمال بحيث لا يشوبها شيء من جنس ما نسبوه إليه١ والمعنى: أي تعاظم عن ذلك -تعالى- تعاظماً كبيراً غاية في الكمال لايشوبه شيء من جنس ما نُسب إليه، فإنّ مثل هذه الفرية والبهتان ممّا يتنزه ويترفع عنه مقامه الأسمى٢.
لطيفة: ذكر صاحب محاسن التأويل (القاسمي) ٣ لطيفة بلاغية ههنا فقال: "قال الشهاب: وذِكْرُ العلّو بعد عنوانه بـ (ذي العرش) -في الآية قبلها- في أعلىمراتب البلاغة"٤.
مطلب: في فائدة ذكر تسبيح السموات والأرض ومن فيهن بعد تسبيح الله ذاته:
- بعد تنزيه الله تعالى ذاته العليّة من تلك الفرية الزريّة يذكر سبحانه تسبيح السموات والأرض ومن فيهنّ له بقوله: {تُسَبِّحُ٥ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ

١ انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٠ ص٢١٧؛ فتح القدير للشوكاني ج٣ ص٢٣٦؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٥ ص١١٣.
٢ انظر: محاسن التأويل للقاسمي ج١٠ ص٢٣٢.
٣ هو جمال الدين أو محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق، من سلالة الحسين بن علي رضي الله عنه إمام الشام في عصره علماً بالدين وتضلعاً من فنون الأدب، مولده ووفاته في دمشق. رحل إلى مصر، وزار المدينة. له مؤلفات أشهرها: محاسن التأويل في التفسير موعظة المؤمنين. ولد عام ١٢٨٣؟ وتوفي عام ١٣٣٢؟. (انظر: الأعلام للزركلي ج٢ ص١٣٥).
٤ محاسن التأويل للقاسمي ج١٠ ص٢٣٢.
٥ قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف (تسبح) بتاء جماعة المؤنث، وقرأ الباقون (يسبح) [انظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري ج ٢ ص٣٠٧].


الصفحة التالية
Icon