المبحث السادس
في آية سورة مريم:
قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ. مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ i.
مطلب: في بيان الآية السابقة لآية التسبيح وصلتها:
- جاءت هذه الآية الكريمة أي قول الله تعالى: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ... ﴾ الآية بعد بيان الله تعالى لحقيقة عيسى عليه السلام من قوله عزّ وجلّ: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً. وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً. وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً. وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً﴾ ii.
والمراد من قوله: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾. أي ذلك الذي ذكرناه هو عيسى ابن مريم لاكما تزعم اليهود إنّه لغير رشدة وأنه ابن يوسف النجار، ولاكما تقول النصارى إنه إله أو ابن الإلهiii.
﴿قَوْلَ الْحَقِّ﴾ iv من قرأ برفع اللام على أنّه نعت لعيسى عليه السلام كما سمي كلمة الله، والحق هو الله عزّ وجلّ. وقيل: التقدير: هذا الكلام قولُ الحق.

i سورة مريم: الآيتان (٣٤_٣٥).
ii سورة مريم: الآيات (٣٠-٣٣).
iii انظر: تفسير القرطبي ج١١ ص١٠٥.
iv قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب بنصب اللام ﴿قولَ الحق﴾ وقرأ الباقون برفعها (انظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري ج٢ ص٣١٨).


الصفحة التالية
Icon