ولدi. وفي هذا الكلام نفي للولد على أبلغ وجه وأتمّ عبارة وأحسن أسلوب وهو مثل قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ii وقد علم أن الحق معه وأنّ مخالفيه في ضلال مبين.
ويشابهه -أيضاً- قول الرجل لمن يناظره: إن ثبت ما تقوله بالدليل فأنا أول من يعتقده ويقول بهiii.
- وفي هذا الأسلوب القرآني الكريم ما لا يخفى من سلوك طريق المساهلة والإلطاف في الخطاب وإرخاء العنان وصولاً إلى تبكيت المجادلين والمعرضين عن الحق وإفحامهمiv.
مطلب: في بيان موضع التسبيح وصلته بما قبله:
- ولمّا أقام الله - تبارك وتعالى - الحجة على المشركين الذين نسبوا إليه الولد- في الآية السابقة على ما بينته في أمر الله تعالى لنبيه ﷺ بمهاجمتهم؛ نزه الله ذاته العليّة تنزيهاً تاماً عمّ يصفونه به من نسبة الولد إليه. وفيه معنى التذييل للآية السابقة. فقال عز وجل: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾.
- ثمّ إنّ في تسبيحه ذاته المقدّسة بذكر وصفه تعالى بربوبية السموات والأرض والعرش ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ﴾ ما يشير إلى أمرين:
أحدهما: بيان عظمة شأنه -تعالى- وجلالة قدره، فربّ أعظم المخلوقات وهي السموات والأرض والعرش جدير بالتنزيه عن الولد وعن كلّ ما لا يليق بكماله وجلالهv.
ii سورة سبأ: الآية (٢٤).
iii فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٥٤٣.
iv انظر: تفسير الطبري ج٢٥ ص٦١؛ تفسير الألوسي ج٢٥ ص١٠٤.
v انظر: أضواء البيان للشنقيطي ج٧ ص٣١٠.