وثانيهما: إنّ في إضافة اسم الرب إلى أعظم الأجرام وأقواها من السموات والأرض تنبيه على أنّها وما فيها من المخلوقات حيث كانت تحت ملكوته وربوبيته؛ فكيف يُتوهم أن يكون شيء منها جزء متولّد منه سبحانه، والملكية تنافي الولدية كما سبقت بذلك الإشارة i.
ففي هذا -إذن- إثبات حجة وبرهان على المشركين في زعمهم الولد لله، وبذلك يضمّ ما جاء في صيغة التسبيح ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ﴾ حجة ثانية مع ما جاء من الحجة في الآية قبله.
- ولصاحب التحرير والتنوير كلام حول حجية هذه الصيغة التي جاء بها التسبيح، وفيه زيادة على ما ذكر من قبل إذ يقول: "ووصفه بربوبية أقوى الموجودات وأعمّها وأعظمها، لأنّه يفيد انتفاء أن يكون له ولد لانتفاء فائدة الولادة، فقد تمّ خلق العوالم ونظام نمائها ودوامها، وعلم من كونه خالقها أنّه غير مسبوق بعدم وإلاّ لاحتاج إلى خالق يخلُقه، واقتضى عدمُ السبق بعدم أنّه لا يلحقه فناء فوجود الولد له يكون عبثاً"ii.
* لطيفة:
إنّ في تكرير لفظ الربّ الجليل في قوله: ﴿رَبِّ الْعَرْشِ﴾ تفخيماً لشأن العرشiii.
ii التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٥ ص٢٦٦.
iii تفسير الألوسي: ج٢٥ ص١٠٦.