وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنْهُ: قِصَّةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَاصَّةً، سَمَّاهَا أَحْسَنَ الْقَصَصِ لِمَا فِيهَا مِنَ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالنُّكَتِ وَالْفَوَائِدِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا، مِنْ سِيَرِ الْمُلُوكِ وَالْمَمَالِيكِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَمَكْرِ النِّسَاءِ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْأَعْدَاءِ، وَحُسْنِ التَّجَاوُزِ عَنْهُمْ بَعْدَ الِالْتِقَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ.
قَالَ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ: سُورَةُ يُوسُفَ وَسُورَةُ مَرْيَمَ يَتَفَكَّهُ بِهِمَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: لَا يَسْمَعُ (١) سُورَةَ يُوسُفَ مَحْزُونٌ إِلَّا اسْتَرَاحَ إِلَيْهَا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ "مَا" الْمَصْدَرُ، أَيْ: بِإِيحَائِنَا إِلَيْكَ، ﴿هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ﴾ وَقَدْ كُنْتَ، ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ أَيْ: [قَبْلَ وَحْيِنَا] (٢) ﴿لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾ لَمِنَ السَّاهِينَ عَنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ لَا تَعْلَمُهَا.
قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ زَمَانًا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ حَدَّثْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ (الزُّمَرِ -٢٣) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ قَصَصْتَ عَلَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ ذَكَّرْتَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (٣) أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (الْحَدِيدِ -١٦).
﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤) ﴾.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ﴾ أَيْ: وَاذْكُرْ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ، وَيُوسُفُ اسْمٌ عِبْرِيٌّ [عُرِّبَ] (٤)، وَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي [عَلَيْهِ الْإِعْرَابُ] وَقِيلَ هُوَ عَرَبِيٌّ (٥).
سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَقْطَعُ عَنْ يُوسُفَ؟ فَقَالَ: الْأَسَفُ فِي اللُّغَةِ: الْحُزْنُ، وَالْأَسِيفُ: الْعَبْدُ، وَاجْتَمَعَا فِي يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسُمِّيَ بِهِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
(٢) ساقط من "أ".
(٣) أخرجه الطبري: ١٥ / ٥٥، وصححه ابن حبان ص (٤٣٢) من موارد الظمآن، والحاكم: ٢ / ٣٤٥ ووافقه الذهبي، ومن طريقه أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص (٣١١). وأخرجه أيضا: إسحاق بن راهويه، والبزار، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ وابن مردويه. انظر: الدر المنثور: ٤ / ٤٩٦، المطالب العالية: ٣ / ٣٤٣.
(٤) ساقط من "ب".
(٥) ساقط من "ب".