﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (١٠٠) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (١٠١) ﴾
﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي﴾ أَيْ: نِعْمَةِ رَبِّي وَقِيلَ: رِزْقِ رَبِّي ﴿إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ﴾ لَبَخِلْتُمْ وَحَبَسْتُمْ ﴿خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ﴾ أَيْ: خَشْيَةَ الْفَاقَةِ قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَقِيلَ: خَشْيَةَ النَّفَادِ يُقَالُ: أَنْفَقَ الرَّجُلُ أَيْ أَمْلَقَ وَذَهَبَ مَالُهُ وَنَفَقَ الشَّيْءُ أَيْ: ذَهَبَ.
وَقِيلَ: لَأَمْسَكْتُمْ عَنِ الْإِنْفَاقِ خَشْيَةَ الْفَقْرِ.
﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا﴾ أَيْ: بَخِيلًا مُمْسِكًا عَنِ الْإِنْفَاقِ. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ أَيْ: دَلَالَاتٍ وَاضِحَاتٍ فَهِيَ الْآيَاتُ التِّسْعُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: هِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ الْبَيْضَاءُ وَالْعُقْدَةُ الَّتِي كَانَتْ بِلِسَانِهِ فَحَلَّهَا وَفَلْقُ الْبَحْرِ وَالطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ: هِيَ الطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ وَالْعَصَا وَالْيَدُ وَالسُّنُونَ وَنَقْصُ الثَّمَرَاتِ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: الطَّمْسَ وَالْبَحْرَ بَدَلَ السِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مَعَ أَهْلِهِ فِي فِرَاشِهِ وَقَدْ صَارَ حَجَرَيْنِ وَالْمَرْأَةُ مِنْهُمْ قَائِمَةٌ تَخْبِزُ وَقَدْ صَارَتْ حَجَرًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُنَّ آيَاتُ الْكِتَابِ (١).
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْعَطَّارُ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاهَانَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عن عَبْدِ الله بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ أَنَّ يَهُودِيًّا قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ حَتَّى نَسْأَلَ هَذَا النَّبِيَّ فَقَالَ الْآخَرُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ فَإِنَّهُ لَوْ سَمِعَ صَارَتْ أَرْبَعَةَ أَعْيُنٍ فَأَتَيَاهُ فَسَأَلَاهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ فَقَالَ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَسْحَرُوا وَلَا تَمْشُوا بِالْبَرِيءِ إِلَى سُلْطَانٍ ليقتله ولا تسرفوا وَلَا تَقْذِفُوا

(١) انظر: تفسير الطبري: ١٥ / ١٧١-١٧٣، زاد المسير: ٥ / ٩٢-٩٣ الدر المنثور: ٥ / ٣٤٣-٣٤٤، تفسير ابن كثير: ٣ / ٦٧-٦٨.


الصفحة التالية
Icon