أُنَاسٌ آخَرُونَ يَأْتُونَهُ فَيَتَعَرَّفُونَهُ [فَلَا يَعْرِفُونَهُ] (١) فَقَالَ لَهُمْ وَهُوَ شَدِيدُ الْفَرَقِ مِنْهُمُ: افْضُلُوا عَلَيَّ قَدْ أَخَذْتُمْ وَرِقِي فَأَمْسِكُوهَا وَأَمَّا طَعَامُكُمْ فَلَا حَاجَةَ لِي بِهِ فَقَالُوا لَهُ: مَنْ أَنْتَ يَا فَتَى وَمَا شَأْنُكَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتَ كَنْزًا مِنْ كُنُوزِ الْأَوَّلِينَ وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُخْفِيَهُ عَنَّا (٢) فَانْطَلِقْ مَعَنَا وَأَرِنَا وَشَارِكْنَا فِيهِ نُخْفِ عَلَيْكَ مَا وَجَدْتَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ نَأْتِ بِكَ إِلَى السُّلْطَانِ فَنُسَلِّمْكَ إِلَيْهِ فَيَقْتُلْكَ فَلَمَّا سَمِعَ قَوْلَهُمْ قَالَ فِي نَفْسِهِ (٣) قَدْ وَقَعْتُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كُنْتُ أَحْذَرُ مِنْهُ فَقَالُوا: يَا فَتَى إِنَّكَ وَاللَّهِ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَكْتُمَ مَا وَجَدْتَ فَجَعَلَ يَمْلِيخَا لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ لَهُمْ وَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ وَفَرَقَ حَتَّى مَا [وَجَدَ مَا] (٤) يُخْبِرُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا فَلَمَّا رَأَوْهُ لَا يَتَكَلَّمُ أَخَذُوا كِسَاءَهُ فَطَرَحُوهُ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ جَعَلُوا يَقُودُونَهُ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ [صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ] (٥) حَتَّى سَمِعَ بِهِ مَنْ فِيهَا [فَسَأَلُوهُ؟ مَا الْخَبَرُ؟] (٦) فَقِيلَ: هَذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ كَنْزٌ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا الْفَتَى مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ وَمَا رَأَيْنَاهُ فِيهَا قَطُّ وَمَا نَعْرِفُهُ قَطُّ فَجَعَلَ يَمْلِيخَا لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ لَهُمْ فَلَمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَرَقَ فَسَكَتَ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَكَانَ مُسْتَيْقِنًا أَنَّ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ حَسَبَهُ وَنَسَبَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ عُظَمَاءِ أَهْلِهَا وَأَنَّهُمْ سَيَأْتُونَهُ إِذَا سَمِعُوا بِهِ فَبَيْنَا هُوَ قَائِمٌ كَالْحَيْرَانِ يَنْتَظِرُ مَتَى يَأْتِيهِ بَعْضُ أَهْلِهِ فَيُخَلِّصُهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ إِذِ اخْتَطَفُوهُ وَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى رَئِيسَيِ الْمَدِينَةِ وَمُدَبِّرَيْهَا اللَّذَيْنِ يُدَبِّرَانِ أَمْرَهَا وَهُمَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ اسْمُ أَحَدِهِمَا "أَرْيُوسُ" وَاسْمُ الْآخَرِ "طَنْطَيُوسُ" (٧) فَلَمَّا انْطُلِقَ بِهِ إِلَيْهِمَا ظَنَّ يَمْلِيخَا أَنَّهُ يُنْطَلَقُ بِهِ إِلَى دِقْيَانُوسَ الْجَبَّارِ فَجَعَلَ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَجَعَلَ النَّاسُ يَسْخَرُونَ مِنْهُ كَمَا يَسْخَرُونَ مِنَ الْمَجْنُونِ وَجَعَلَ يَمْلِيخَا يَبْكِي ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ فِي نَفْسِهِ (٨) اللَّهُمَّ إِلَهَ السَّمَاءِ وَإِلَهَ الْأَرْضِ أَفْرِغِ الْيَوْمَ عَلَيَّ صَبْرًا وَأَوْلِجْ مَعِيَ رُوحًا مِنْكَ تُؤَيِّدُنِي بِهِ عِنْدَ هَذَا الْجَبَّارِ وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: فُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي يَا لَيْتَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا لَقِيتُ وَلَوْ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ فَيَأْتُونِي فَنَقُومُ جَمِيعًا بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْجَبَّارِ فَإِنَّا كُنَّا تَوَاثَقْنَا لَنَكُونَنَّ مَعًا وَلَا نَكْفُرُ بِاللَّهِ وَلَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، فُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَلَنْ يَرَوْنِي وَلَنْ أَرَاهُمْ أَبَدًا وَكُنَّا تَوَاثَقْنَا أَنْ لَا نَفْتَرِقَ فِي حَيَاةٍ وَلَا مَوْتٍ أَبَدًا يُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَهُ يَمْلِيخَا فِيمَا أَخْبَرَ أَصْحَابَهُ حِينَ رَجَعَ إِلَيْهِمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الرَّجُلَيْنِ الصَّالِحَيْنِ "أَرْيُوسُ" وَ"طَنْطَيُوسُ" (٩).
فَلَمَّا رَأَى يَمْلِيخَا أَنَّهُ لَا يُذْهَبُ بِهِ إِلَى دِقْيَانُوسَ
(٢) ساقط من "أ".
(٣) ساقط من "أ".
(٤) ساقط من "أ".
(٥) ساقط من "ب".
(٦) ساقط من "أ".
(٧) في "أ": أسطيوس.
(٨) ساقط من "أ".
(٩) في "أ": أسطيوس.