وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِآخَرَ: يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ فَقَالَ: تَسَمَّيْتُمْ بِأَسْمَاءِ النَّبِيِّينَ فَلَمْ تَرْضَوْا حَتَّى تَسَمَّيْتُمْ بِأَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ (١).
وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَلِكًا عَادِلًا صَالِحًا (٢).
وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهِ بِـ "ذِي الْقَرْنَيْنِ" قَالَ الزُّهْرِيُّ: لِأَنَّهُ بَلَغَ قَرْنَيِ الشَّمْسِ مَشْرِقَهَا وَمَغْرِبَهَا.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَلَكَ الرُّومَ وَفَارِسَ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ دَخَلَ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ أَخَذَ بِقَرْنَيِ الشَّمْسِ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ ذُؤَابَتَانِ حَسَنَتَانِ.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قَرْنَانِ تُوَارِيهِمَا الْعِمَامَةُ.
وَرَوَى أَبُو الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ [قَالَ سُمِّيَ "ذَا الْقَرْنَيْنِ" لِأَنَّهُ] (٣) أَمَرَ قَوْمَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ الْأَيْمَنِ فَمَاتَ فَبَعَثَهُ اللَّهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ الْأَيْسَرِ فَمَاتَ، فَأَحْيَاهُ اللَّهُ (٤).
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْمِهِ قِيلَ: اسْمُهُ "مَرْزُبَانُ بْنُ مِرْزَبَّةَ الْيُونَانِيُّ" مِنْ وَلَدِ يُونَانَ بْنِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ. وَقِيلَ: اسْمُهُ "الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ فَيْلَفُوسَ بْنِ يَامَلُوسَ (٥) الرُّومِيُّ" (٦).
(٢) وهو مروي عن ابن عباس، ورجحه أيضا الحافظ ابن كثير، ورواه الطبري عن علي رضي الله عنه.
(٣) زيادة من نسخة "ب".
(٤) انظر هذه الأقوال وأقوالا أخرى في تسميته: الطبري: ١٦ / ٨-٩، زاد المسير: ٥ / ١٨٣-١٨٤، الدر المنثور: ٥ / ٤٣٦ وما بعدها، تفسير القرطبي: ١١ / ٤٧-٤٨، تفسير ابن كثير: ٣ / ١٠٢، البداية والنهاية: ٢ / ١٠٣.
(٥) في "ب": الإسكندر بن قيليس بن فيلوس الرومي.
(٦) انظرها مع أقوال أخرى في: زاد المسير ٥ / ١٨٣، البداية والنهاية: ٢ / ١٠٤-١٠٥. هذا، وليس على هذه الأقوال، ولا على سابقتها، خبر صحيح عن المعصوم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (٨٤) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾ أَوْطَأْنَا، وَالتَّمْكِينُ: تَمْهِيدُ الْأَسْبَابِ. قَالَ عَلِيٌّ: سَخَّرَ لَهُ السَّحَابَ فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا، وَمَدَّ لَهُ فِي الْأَسْبَابِ، وَبَسَطَ لَهُ النُّورَ، فَكَانَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ عَلَيْهِ سَوَاءً، فَهَذَا مَعْنَى تَمْكِينِهِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ أَنَّهُ سَهَّلَ عَلَيْهِ السَّيْرَ فِيهَا وَذَلَّلَ لَهُ طُرُقَهَا.
﴿وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ أَيْ: أَعْطَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْخَلْقُ.